إلى الأمهات مزكاة بحولها، والمعنى فيها: أنها زيادة ملك في الحول على نصاب من جنسه، وهذا المعنى موجود في الفائدة من غيرها.
فإن قيل: العلة في الأولاد أنها من الأمهات، فوجب الحق فيها من طريق السراية.
قيل له: هذه العلة فاسدة، لكونها مقصورة على موضع الاتفاق، غير متعدية إلى فرع.
وعلى أن هذه لو كانت علة صحيحة، لم تعارض اعتلالنا؛ لأنهما يوجبان حكمًا واحدًا، إلا أن إحداهما أخص من الأخرى في إيجاب حكمها، كالخبرين إذا وردا في حكم واحد، وأحدهما أعم من الآخر، فلا يمنع الخاص استعمال العام.
وأيضًا: فقد وجبت في الأمهات لأجل الأولاد، وليست هي من الأولاد، ألا ترى أن من كانت له مائة وعشرون شاة، فولدت واحدة منها قبل الحول: كان فيها شاتان، فصار حدوث الولد موجبًا للحق في أمه، في سائر الغنم التي ليس منها.
وأيضًا: لو كان هذا الحق واجبًا في الأولاد من طريق السراية، لكان مقصورًا على اتصالها بالأمهات، فكان يجب إذا ولدت بعد الحول، أن يجب الحق فيه للحول الماضي، وكان حدوثه قبل الحول يمنع من وجوب الحق فيه بالحول؛ لأنه بائن منها، والحق الواجب في الأصل لا يسري في الأولاد البائنة، كالعتق وسائر الحقوق.