غيره بقبضها: عتق به، فلما لم تكن صحة الأداء موقوفة على مباشرته إياه، لم يكن تعذر الأداء من جهته بالموت، مانعا من جواز الأداء من ماله، وحصول عتقه في الحكم قبل موته بلا فصل.
فإن قيل: إنما عتق بأداء غيره عنه في حياته؛ لأنه ممن يلحقه العتق، ولا يلحقه العتق بعد الموت، فلا معنى للأداء؛ لأنه لا يعتق به، لاستحالة عتق الميت.
قيل له: لا نعتقه بعد الموت، وإنما نقول: إذا صح الأداء، حكم بأنه كان حرا قبل الموت بلا فصل، وليس يمتنع حصول العتق قبل الموت بلا فصل بأداء يحصل بعد الموت.
كما لو حفر رجل بئرا في طريق المسلمين، ثم مات، وترك عبدا: فأعتقه الوارث، ثم وقعت فيها دابة، فماتت: أن الوارث يضمن القيمة، ويحكم عند الوقوع بأنه كان جانيا يوم الحفر، في باب ما يضمنه الوارث من قيمة العبد.
وكما لو أن رجلا جرح رجلا، ثم مات الجارح، ثم مات المجروح: أنا نحكم عند موت المجروح بأن الجارح كان جانيا قبل الموت؛ لاستحالة كونه جانيا بعد الموت.
فإن قيل: موته يوجب فسخ الكتابة؛ لأنه لا يصح ابتداؤها بعد الموت.
قيل له: ليس سبيل الابتداء في ذلك سبيل البقاء، ألا ترى أن العبد الآبق لا يجوز بيعه، ولو اشتراه، ثم أبق من يد البائع: لم يبطل البيع.
ولو ابتدأ عقد نكاح امرأة وهي معتدة من غيره: لم يصح، ولو طرأت عليها عدة من وطء شبهة وهي تحت زوج: لم ينفسخ نطاحه.