ينسبه إلى أبيه بالنسب، وإليه بالولاء.

ويلزم خصمنا أن يقول: إن النبي عليه الصلاة والسلام لم يكن عالما بأن أسامة ولد زيد إلا بعد قول مجزز، وهذا افتراء على رسول الله عليه الصلاة والسلام؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان أتقى لله، وأشد اعتصاما بحدوده من أن ينسب أسامة إلى أنه ولد زيد، ومولاه وهو شاك فيه.

فقد بطل أن يكون قول مجزز قد أفاد النبي عليه الصلاة والسلام علما لم يكن علمه قبله.

*وأيضا: فإن كان مجززا إنما أفاد النبي عليه الصلاة والسلام ذلك من جهة ما رأى من الشبه، فاعتبار النبي وتشبيهه، ورده الشيء إلى شكله ونظيره، أولى من اعتبار مجزز؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قد قال في امرأة هلال بن أمية: "إن جاءت به على صفة كيت وكيت، فهو لهلال، وإن جاءت على صفة أخرى، فهو للمقذوف بها"، فأخبر النبي صليه الصلاة والسلام عن حال الشبه قبل الولادة، فكيف بمن رآه بعد الولادة ورباه، ونسبه إلى أبيه بالولادة، وإلى نفسه بالولاء.

وقول هذا القائل يوجب أن لا يكون النبي عليه الصلاة والسلام عالما بكون أسامة مولودا من زيد إلا بعد قول مجزز، وإن قولا يؤدي إلى هذا، لظاهر الفساد، بين الاستحالة.

فإذا لا وجه لسرور النبي صلى الله عليه وسلم بقول مجزز إن ثبت على ما ادعوه إلا ما وصفنا، من سقوط قول المنافقين على أصلهم بما يعتقدون صحته.

فإن قيل: على ما قدمنا من سقوط اعتبار قول القائف مع الفراش، ومع زواله، أنا إنما نعتبر قول القائف في تأكيد دعوة أحد المدعيين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015