قيل له: لا سبيل إلى ذلك، إلى أن يثبت أن سرور النبي صلى الله عليه وسلم كان من أجل قول مجزز، فيلزمنا الجواب لك عنه.
وعلى أنه لو ثبت أن سروره كان من أجل ذلك، لما دل على اعتبار قول القافة، وإثبات النسب بخبره، إذ ليس يمتنع أن يتضمن القول معاني يقع السرور ببعضها، دون جميعها.
وإنما يلزمنا الجواب لك لو ثبت أولا أن سروره كان من أجل قول مجزز، ثم ثبت مع ذلك أنه لا وجه لسروره إلا إخباره بنسب أسامة من زيد، وهو ميئوس من وجوده.
على أنا نتبرع بالجواب، فنقول: لو ثبت أن سروره كان من أجل قول مجزز، فإن وجهه: أن المنافقين كانوا يطعنون في نسب أسامة من زيد، وذلك لأن أسامة كان أسود، وزيد أبيض، ولم يكن يردهم عن الخوض فيه إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بصحة نسبه، وقد كان أهل الجاهلية يعتقدون الحكم بقول القافة، فلما أخبر مجزز بذلك، سر النبي عليه الصلاة والسلام، لما فيه من تكذيب المنافقين، من حيث يعتقدون به بطلان قولهم، وظهور كذبهم، لا وجه لسرور النبي صلى الله عليه وسلم غير ذلك.
ولا جائز أن يكون سرور النبي عليه الصلاة والسلام بقول مجزز من جهة أنه أفاده به علما لم يكن علمه قبله، ومن قال ذلك: فقد نسب رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم إلى ما لا يليق به، ولا يجوز عليه، وذلك لأنه معلوم أن أسامة كان مولى النبي صلى الله عليه وسلم، وابن مولاه، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان عالما قبل قول مجزز بصحة نسبه وولائه، ولو لم يكن كذلك، لما استجاز النبي عليه الصلاة والسلام أن