البينة على شراء يتضمن الإقرار بها له.

وفرق محمد بينهما، بأن الإقرار إذا لم يكن من عقد تمليك، فإنه يوجب الملك له، لا على وجه ابتداء تمليك، بدليل جواز إقرار المريض بجميع ماله لآخر، وامتناع جواز تمليكه إلا من الثلث.

فلما لم يكن الإقرار تمليكًا من جهته، لم يقتض كونه مالكًا قبل الإقرار، لا على جهة الحدوث: استحال الحكم بصحة الإقرارين بصحة الملك، بأن كل واحد منهما مستحق للملك بالإقرار في الحال الذي يستحق فيها صاحبه فبطل الإقراران جميعًا، وبقيت الدار في يدي الذي هو في يديه.

وأما الشراء، فإنه عقد تمليك ينتقل به الشيء إلى المشتري، وقد يمكننا تصحيحهما جميعًا، بأن يحكم بأحدهما قبل الآخر، فمتى أمكننا تصحيح العقدين جميعًا صححناهما، لأن حكم البينات أنها محمولة على الصحة، ولا يجوز حملها على التنافي والتضاد ما وجدنا لها وجهًا في الصحة، فلذلك وجب ما ذكرنا.

والانفصال لأبي حنيفة من ذلك: أنه لا فرق بين الأمرين من الوجه الذي ذكره محمد؛ لأن كل واحد منهما مستحق للملك بالشراء في الحال التي يستحق صاحبه فيها الملك، كما يستحق الملك بالإقرار.

وما فصل به محمد بين الإقرار والشراء، فإنما يمكن إذا أثبتا تاريخًا للعقدين، ولا جائز إثبات تاريخ ليس في لفظ الشهود، كما لا يجوز إثبات قبض لم يشهد به الشهود، وليس بمشاهد معلوم.

ألا ترى أن خارجين لو ادعيا الشراء من جهة الذي هي في يديه: لم يجز لنا أن نثبت لأحدهما تاريخًا لعقده، ليس للآخر مثله، إذ ليس في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015