وأما قول أبو يوسف: فإن الذي حكاه أبو جعفر هو قول أبي يوسف الأول، وقوله الآخر مثل قول أبي حنيفة.
وأما قول محمد الذي حكاه: فهو قوله الأخير الذي رجع إليه بعد رجوعه من الرقة.
وذهب محمد في ذلك إلى أن الذي لم يوقت شهوده يستحق ملك الأصل، بدلالة أنه متى استحقه على هذا الوجه من يدي مشتري غيره: يرجع الباعة بعضهم على بعض بالأثمان وإن كانوا قد تبايعوها منذ خمسين سنة، فدل ذلك على أن الاستحقاق: بإطلاق لفظ الملك، من غير توقيت استحقاق للأصل، والذي وقت شهوده إنما استحقه بالوقت المذكور، فصار ملك الذي لم يوقت شهوده متقدمًا في الحكم لملكه، فكان أولى.
قال أحمد: وهذا الاعتبار لا تستمر عليه المسائل، لا على أصله ولا على أصلهم، لاتفاقهم جميعًا على أن الذي في يديه لو أقام البينة على ملك مطلق، وأقام الخارج البينة على ملك مؤقت: أن الخارج أولى.
ولو كان صاحب الملك المطلق مستحقًا للأصل، لوجب أن يكون بمنزلة النتاج، فيكون صاحب اليد أولى، وكان يجب أن لو أقام أحدهما البينة أنه له منذ سنة، وأنه أعتقه، وأقام الذي في يده السنة أنه له: أن الذي في يديه أولى، وأن يبطل العتق، كما لو أقام البينة على أنه له منذ سنتين.