فتعلق حكم الاستحقاق بشهادة الآخرين دون الأولين، فإذا لم يتعلق لزوم الحكم بقول الأولين: لم يلزمهما الضمان بالرجوع.
ألا ترى أن الشهود إذا وجدوا عبيدًا أو كفارًا، لم يجب عليهم الضمان؛ لأن قولهم لم يكن شهادة موجبة للحكم إلا بتزكية المزكين، ولهذه العلة أوجب أبو حنيفة الضمان على المزكين.
* وقال محمد: يضمنان؛ لأن الحكم بشهادتهما وقع عند شهادة الآخرين، ألا ترى أنهما شهدا على أصل الحق.
مسألة: [رجوع شاهدي الطلاق وشاهدي الدخول]
قال أبو جعفر: (وإذا شهد شاهدان على رجل أنه طلق امرأته ثلاثًا، ولم يعلم أنه قد كان دخل بها، وقد كان تزوجها على ألف درهم، وشهد عليه شاهدان آخران أنه قد كان دخل بها، فقضى القاضي بشهادتهم جميعًا، ثم رجعوا عن شهادتهم: فإن الضمان عليهم أرباعًا، الربع على شاهدي الطلاق، والثلاثة الأرباع على شهود الدخول).
وذلك لأن شهود الدخول يضمنون بشهادتهم لزوم جميع المهر، مع استحقاق البضع على الزوج بغير فعله، ألا ترى أنه على أي وجه حصلت الفرقة بعد الدخول: لم يسقط عنه شيء من المهر، فصاروا موجبين لجميع المهر، وشهود الطلاق إنما أوجبوا نصف المهر على ما تقدم بيانًا له.
فانفرد شهود الدخول بإيجاب نصف المهر، فهو عليهم خاصة، واشتركوا هم وشهود الطلاق في إيجاب النصف الباقي، فهو على الفريقين