قال أحمد: وذلك لأن نفس إثبات الشهادة لا يصح فيه خصومة، ألا ترى أنه لو قال لرجلين: لي عندكما شهادة فأقيماها، وأراد خصومتهما: لم يكن له ذلك، وكذلك لو أقام عليهما بينة، فكذلك الرجوع عنها.

وأيضًا: فلما لم يكن للشهادة حكم إلا عند القاضي، كذلك الرجوع عنها، لا يثبت له حكم إلا عند القاضي، وذلك لأنه لا فرق بين إثبات الشهادة، وبين ما يتعلق بالرجوع من فسخها وبطلانها في حكم الراجع، وما يلحقه من الضمان برجوعه.

وأيضًا: فإن تلك الشهادة بعينها هي الموجبة للضمان عليها عند الرجوع، كما توجب على المشهود عليه الضمان في ابتدائها، فلا يثبت للرجوع حكم الضمان بتلك الشهادة إلا عند القاضي.

مسألة: [رجوع الشاهدين الذين شهدا على شهادة غيرهما]

قال أبو جعفر: (إذا شهد شاهدان على شهادة شاهدين على رجل بمال، وقضى بها، ثم رجعا عنها: فالضمان عليهما).

لأنهما صارا سببًا لإزالة يده عن المال، على الوصف الذي قدمناه.

* قال: (ولو لم يرجعا هما، ولكن رجع الشاهدان المشهود على شهادتهما، وحضرا القاضي، فأقرا بإشهادهما، ورجعا عن ذلك، فإن أبا حنيفة وأبا يوسف قالا: لا ضمان عليهما، وقال محمد: يضمنان).

وجه قولهما: إن قول الأولين لم يتعلق به حكم في استحقاق المال، وإنما شهادة الآخرين عند القاضي هي التي جعلت ذلك القول شهادة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015