حكم الحاكم ببطلانها: لم يجز بعد ذلك قبولها؛ لأن الحاكم لا يجوز له فسخ حكمه إلا بحكم مثله.

وأيضًا: فإنه لما ردها لتهمة، فلم ترتفع التهمة من جهة الحكم، فلا يجوز قبولها أبدًا.

* قال: (فإن كان ردها لكفر أو رق، أو صبا، ثم أسلم الكافر، وأعتق العبد، وبلغ الصبي: قبل شهادتهم تلك إن أعادوها).

قال أحمد: وذلك لوجهين:

أحدهما: أن المعنى الذي من أجله رددنا شهادته: محكوم يزاوله؛ لأن الحاكم يجوز حكه بالعتق، والبلوغ، والإسلام، فلما كانت هذه الأشياء مما يجوز ثبوته من طريق الحكم، ثم حكم به الحاكم، فقد حكم بزوال ما من أجله ردت شهادتهم: فجازت.

وليس كذلك الشهادة المردودة للتهمة؛ لأن زوال التهمة لا يكون من طريق الحكم.

والوجه الآخر: أن هؤلاء ليسوا بشهود أصلًا؛ لأن بطلان شهادتهم واقعة من جهة الحكم، إذ الرق والصغر والكفر، مما يصح به الحكم، فلما لم يكونوا شهودًا: لم يقع من الحاكم حكم أصلًا ببطلان شهادة أقاموها، فإذا شهدوا بعد زوال تلك الحال، فإنما ابتدؤوا الشهادة في الحال، فيقبلها، إذ ليس هناك مانع من قبولها.

ويدلك على أنهم ليسوا من أهل الشهادة: أن أربعة عبيد أو كفار، لو شهدوا على رجل بالزنى: حدوا، ولو كانوا فساقًا: لم يحدوا؛ لأنهم من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015