والثالث: قوله: "البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه": فأفاد أن البينة غير اليمين، وجعلها على المدعي، وجعل اليمين على المدعى عليه، فلا جائز نقل اليمين عن موضعها، كما لم يجز نقل البينة عن موضعها.

فإن قيل: يمين الطالب مع شاهده بينة.

قيل له: وكأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اليمين على المدعي، واليمين على المدعى عليه: على قولك، وهذا خلف من القول.

وأيضًا: قد فرق بين البينة واليمين، فكيف تكون اليمين بينة؟

وأيضًا: عطفها على البينة، والشيء لا يعطف على نفسه، إنما يعطف على غيره، فالظاهر يقتضي أن يكون غيرها، إلا أن تقوم الدلالة على دخولها في معناها.

وأيضًا: قد بين النبي عليه الصلاة والسلام معنى البينة في خبر الأشعث حين قال: "شاهداك، أو يمينه"، فالبينة ما فسره النبي صلى الله عليه وسلم.

وأيضًا: قد اتفقوا على أن المدعي لو لم يكن له شاهد واحد: لم يستحلف، واستحلف المدعى عليه، فدل على أن البينة ليست هي اليمين، وأن اليمين غير البينة، فلا جائز أن يستحلف المدعي بحال إذا كان قوله: "واليمين على المدعى عليه": عامًا لجميع الأيمان، وفي سائر الأحوال؛ لأنه اسم للجنس بإدخال الألف واللام عليها، فلم يبق هناك يمين تكون على المدعي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015