صدق فيما بين وبين الله تعالى.

وإنما لم يصدق في القضاء؛ لأن الظاهر غير ما ادعى من النية، إذ كان حكم الطلاق متعلقًا به، لا يصح وقوعه إلا من جهته، ومتى ما ادعى صرف الكلام عن ظاهره بنيةٍ لا نعلمها: لم يصدق عليه.

* قال أبو جعفر: (وقد قال أبو يوسف ومحمد: إذا حلف لا يضرب عبده، أو لا يذبح شاته، فأمر إنسانًا ففعل ذلك، وقال: عنيت أن لا أليَ ذلك بنفسي: دين في القضاء).

قال أحمد: هذا يحنث فيه إذا أمر غيره، ولم تكن له نية، وكذلك قالوا: في خياطة الثوب، وبناء الدار ونحوهما؛ لأن هذه الأشياء ليس يتعلق بها حقوق، فتعلق حكمها بالآمر في باب سقوط الضمان عن الفاعل.

ومن جهة أخرى: إنه قد يقال: ضرب الأمير عبده، وضحَّى فلان شاته، وإنما أمر غيره ففعله.

وإذا قال: عنيت أن لا أليَه بنفسي: صُدق في القضاء؛ لأنه لم يفعل المحلوف عليه في الحقيقة، بل الفاعل غيره، وقد يصح هذا الفعل من جهة غيره بغير أمره، وإنما أحنثناه إذا لم تكن له نية، لجريان العرف بإضافة ذلك إليه، فإذا نوى حقيقة اللفظ: صُدِّق في القضاء.

وليس كذلك الطلاق، والعتق، والتزويج؛ لأنها لا تصح من جهة الفاعل دون الآمر، فلا يثبت له حكم بحال إلا بالآمر، فلذلك لم يُصدق فيه في القضاء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015