حكمه بالآمر دون المأمور، فإن الآمر هو الفاعل له في الحكم، فيحنث في يمينه إذا أمر به غيره، ففعل، فمن ذلك الطلاق، والعتاق، والتزويج؛ لأن الطلاق لا يصح إيقاعه إلا من جهة الزوج؛ لأن الأجنبي لا يملك ذلك بحال، وكذلك العتق، والتزويج لا يتعلق حكمهما إلا بالمالك دون الوكيل.
ألا ترى أنَّ الوكيل إذا طلق كان نقصان العدد، ووقوع التحريم متعلقًا بالزوج، وإذا أعتق كان الولاء للآمر دون الوكيل، وإذا تزوج كان الذي يملك البضع ويلزمه المهر هو الزوج دون الوكيل.
وكذلك قالوا فيمن حلف أن لا يهب هذا العبد لفلان، فأمر غيره، فوهبه له: أنه حانث؛ لأن حكم عقد الهبة متعلق بالآمر دون الوكيل، ألا ترى أن حق الرجوع يثبت له دون الوكيل.
وليس كذلك البيع والشراء والإجارة إذا حلف أن لا يفعله، فأمر به غيره، ففعل: لم يحنث، من قِبَل أن حكم عقد البيع، يتعلق بالعاقد دون الآمر؛ لأنه هو الذي يلزمه الثمن إن كان مشتريًا، ويثبت له الثمن إن كان بائعًا دون الآمر، فلما كانت حقوقه متعلقه فيما بينهما دون الآمر، كان هو الفاعل له في حكم اليمين دون الآمر.
* قال أبو جعفر: (فإن قال: عنيت أن أليَ أنا ذلك بنفسي: دين فيما بينه وبين الله تعالى، ولم يدين في القضاء).
وإنما دين فيما بينه وبين الله تعالى، من قبل أنه يحتمل أن يريد بقوله: لا أطلق: أن لا ألفظ بالطلاق، ومتى ما كان للكلام وجه في الاحتمال،