تعالى: {ثم كان من الذين ءامنوا}، ومعناه: وكان من الذين آمنوا.
وقال: {ثم ءاتينا موسى الكتاب تمامًا على الذي أحسن}، ومعناه: وآتينا موسى الكتاب.
وإذا كان كذلك، لم يمتنع أن يكون قوله: "فليكفر يمينه، ثم ليأت الذي هو خير"، بمعنى: وليأت الذي هو خير.
ويدل عليه: ما قدَّمنا من جواز تأخيرها عن الحنث، ويكون خبرنا حينئذ مستعملاً على الحقيقة، لعدم قيام الدلالة على كونه مجازًا.
فإن قال قائل: هلا استعملت الخبرين جميعًا، ولم تُسقط أحدهما بالآخر، فتجيزها قبل الحنث، بقوله: "فليكفر عن يمينه، ثم ليأت الذي هو خير"، وتجيزها بعد الحنث أيضًا بالخبر الآخر.
قيل له: لا سبيل إلى استعمالهما على ما اقتضته حقيقة لفظهما؛ لأن أحدهما يوجب تقديم الكفارة، والآخر يوجب تأخيرها، وذلك يتنافى، فلا يصح إثباته، وقد صح أنَّ قوله: "فليكفر عن يمينه، ثم ليأت الذي هو خير": لم يُرد به الترتيب، واستعمال حقيقته، فصارت بمعنى: "الواو"، وقد بيَّنَّا أنَّ: "الواو": لا توجب الترتيب.
فإن قيل: هلا استعملتهما في الجواز، لا في الإيجاب.
قيل له: لأن ظاهر اللفظ يقتضي الإيجاب، فإن صُرِف عن الإيجاب، صار مجازًا، وإذا جعلت اللفظة مجازًا، احتاجت إلى دلالةٍ من غيرها في