وأيضًا: لم يفرق بين الصوم وغيره، وقد اتفقنا على امتناع جواز تقديم الصوم على الحنث، كذلك غيره، وإذا كان وجود الحنث مشروطًا في جواز الصوم، كذلك فيما سواه؛ لأنا قد اتفقنا على أنَّ فيها ضمير الحنث.
وأيضًا: فامتناعهم من تجويز الصوم، يسقط جميع اعتلالهم بذكر السبب، لأن ما كان سببًا لشيء، لا يختلف حكمه أن يكون مسببه صومًا أو غيره في جواز فعله لأجل وجود سببه.
فإن قيل: الصوم مخالفٌ للحق في المال، في باب جواز تقديمه، لأنه عبادة على البدن، والآخر حق في المال، والدليل على ذلك: جواز تقديم الزكاة على الحول، وامتناع جواز صوم شهر رمضان قبل مجيء وقته.
قيل له: لم يختلفا من جهة أنَّ أحدهما عبادة على البدن، والآخر حق في المال، وإنما اختلفا من جهة وجود سبب وجود الزكاة، وهو النصاب، وفقد سبب وجوب الصوم.
ألا ترى أنه لو قدَّم الزكاة قبل وجود النصاب: لم يُجزه باتفاق، لأجل عدم السبب، فلم يختلف حكم ما هو حقٌّ في المال، أو على البدن، في باب أنَّ عدم السبب فيهما جميعًا مانع من جواز أدائهما، كذلك ينبغي أن لا يختلف حكم ما هو على البدن أو في المال في جواز أدائه لوجود سببه.
فإن قيل: روي عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: "من حلف على يمين، فرأى غيرها خيرًا منها: فليكفر يمينه، وليأت الذي هو