فإن قيل: قوله:} وإنه لفسق {: يدل على أنَّ المراد ذبيحة المشرك، لاتفاق الجميع على أن مستبيح أكله مع ترك التسمية عامدًا: لا يلحقه حكم التفسيق.
قيل له: قد يلحقه حكم التفسيق عندنا من وجه، وهو أن يعتقد تحريمه على الوجه الذي قلنا، ثم يأكله، وإنما لم يفسق من لم يعتقد تحريمه؛ لأنه ذهب عن ظاهر الآية بضربٍ من التأويل.
وأيضًا: فإن قوله:} وإنه لفسقٌ {: عمومه يوجب تفسيق آكله على جميع الوجوه، إلا أنَّ الدلالة قد قامت في بعض المواضع على زوال سمة الفسق عنه، فخصصناه بالدلالة، وبقي حكم العموم فيما اقتضاه اللفظ.
وأيضًا: قوله:} وإنه لفسقٌ {: لا يقتضي أن يكون تحريم الأكل فيما لم تذكر عليه التسمية مقصورًا فيما يلحق متناوله سمة الفسق، إذ لا يمتنع إجراء حكم على عموم لفظ، ثم عطفه عليه ببعض ما يتناوله اللفظ، ولا يقتضي ذلك الاقتصار بحكم اللفظ العام على ما تناوله حكم المعطوف.
كقوله:} ووصينا الإنسان بوالديه حسنًا {، وذلك عام في الأبوين المسلمين والكافرين، وقوله:} وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به