الامتناع بها، فكانت هذه جهة يسوغ اعتبارها فيما وصفنا.
مسألة: [كيفية تصرف الذين في السفينة إذا رماها العدوُّ بالنار]
قال: (ومن كان من المسلمين في السفينة في البحر، فرماها العدو بالنار، فعملت فيها: فإن المسلم الذي فيها بالخيار: إن شاء صبر على النار حتى تحرقه، وإن شاء ألقى نفسه في الماء وإن كان يعلم أنه يموت فيه غرقًا. هكذا كان أبو حنيفة يقول.
قال: وقال محمد: إن أيقن بالهلاك في الماء أو النار، لم يلق نفسه في الماء؛ لأنه يصير قاتلاً لنفسه بفعله، وهلاكه في السفينة ليس من فعله).
قال أحمد: وذكر محمد جواب هذه المسألة في السير الكبير عن أبي حنيفة مجملاً، لم يفصل فيه وجوهها، فقال: قال أبو حنيفة: إذا أحرق المشركون سفينة من سفن المسلمين، فإن صبر المسلم على النار حتى تحرقه كان في سعة، وإن سقط في البحر فغرق كان في سعة، ولم يفصل وجوه المسألة في غلبة الظن في الرجاء، أو خوف الهلاك.
وذكر محمد عن نفسه وجوه المسألة على أربعة أنحاء:
إما أن يرجو النجاة في الماء، ولا يرجوها في السفينة: فيطرح نفسه إلى الماء.
أو يرجوها في البقاء في السفينة، ولا يرجوها في إلقاء نفسه في الماء: فيثبت في السفينة، لا يسعه غير ذلك.