أو يعتدل الرجاء والخوف في الثبات في السفينة أو إلقاء نفسه في الماء: فهو كما قال أبو حنيفة، هو بالخيار: إن شاء ثبت، وإن شاء ألقى نفسه في الماء.

قال: وإن أيقن بالهلاك فيهما جميعًا، ثبت في السفينة، ولم يلق نفسه في الماء؛ لأن التغريق يكون من فعله، والإحراق من فعل غيره.

قال أحمد: فحاصل موضع الخلاف بينهما: إذا حصل اليقين أو غلبة الظن في الهلاك، غرق نفسه، أو ثبت في السفينة:

فقال أبو حنيفة: إن شاء ثبت، وإن شاء ألقى نفسه في الماء.

وقال محمد: لا يسعه إلقاء نفسه في الماء إذا لم يرجُ به نجاة.

فوجه قول أبي حنيفة: أن هلاكه بالماء أيسر عليه منه بالنار، فله أن يلقي نفسه في الماء، وقد قال أصحابنا جميعًا: لو قال له: لنعذبنَّك بالنار، أو لتلقين نفسك في الماء: أنه في سعة من إلقاء نفسه في الماء؛ لأن هلاكه على هذا الوجه، أيسر من هلاكه بالنار، وفيه دفع ضرر النار وما يلحق بها من الآلام عن نفسه.

وأما إذا اعتدل الرجاء والخوف في الخلاص: فله أن يلقي نفسه في الماء عندهم جميعًا؛ لأنه يرجو الخلاص بإلقاء نفسه في الماء، فلم يكن فيه إعانة على قتل نفسه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015