قال أحمد: إذا صار لهم منعة: لم يعتبر فيه إذن الإمام في باب وجوب حق الخمس، وذلك أن ما أخذ على هذا الوجه فهو غنيمة؛ لأنه أوجف عليه بالمنعة، يدل عليه قوله تعالى:} فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب {، فصاروا بمنزلة السرية والجيش العظيم إذا دخلوا دار الحرب بغير إذن الإمام، فيخمَّس ما أصابوا.

وأما محمد: فلم يذكر عددًا في ذلك، وإنما اعتبر أن يكون لهم منعة، وأبو يوسف اعتبر تسعة فصاعدًا، وطريق إثبات الأعداد والمقادير في مثل ذلك: الاجتهاد أو التوقيف، ولا سبيل إلى إثباتها من طريق المقاييس، ومتى عدمنا التوقيف، وصار الأمر إلى الاجتهاد، سقط السؤال عنا في إقامة الدلالة على إثبات هذا المقدار بعينه دون غيره، لأن رجوعه حينئذ يكون إلى غالب الظن، وأكبر الرأي، كتقويم المستهلكات، وتقدير النفقات، ومهر المثل ونحوها.

فإن قيل: فينبغي أن يكون لاعتبار التسعة دون غيرها جهة من الاجتهاد، لا بدَّ للقائل بها من إظهارها، والإبانة عنها.

قيل له: جهة الاجتهاد فيه، أنَّ السرية التي يحصل بها امتناع في أكثر الحال، لا بد من أن تكون جماعة تدخل في حد الكثرة، والتسعة لها من المزية في ذلك ما ليس لغيرها، وهي أنَّ أقل الجمع الصحيح ثلاثة، والتسعة هي جمع الجمع، فيحصل بها معنى الكثرة التي يتعلق حكم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015