فعمر رضي الله عنه تلا عليهم الآية، واحتج بها عليهم استغناه بها، وبدلالتها عن موافقتهم إياه، وأخبر أن الجميع متساوون في هذا الحق، من باشر الحرب والفتح، ومن جاء من بعدهم ممن لم يباشر ذلك، فكيف يجوز أن يتوهم عليه أنه قصد إلى وقفها على الغانمين، وإجارتها عليهم، وهو يقول لهم: إني إنما فعلت ذلك ليشارككم من بعدكم فيها فهذا يوضح بطلان دعوى من ذكرنا قوله.
وعلى أن القوم لم ينازعوه في الإجارة لو تركها، وإنما نازعوه في قسمتها، وإزالة ملك أهلها، فاتفق معه جل الصحابة رضي الله تعالى عنهم، مثل علي رضي الله عنه، وعثمان، وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم، والأكابر ذوي الفقه والعقول والعلم منهم، فثبت باتفاقهم على ذلك مع ما أورد من الآثار صحة ما قلنا.
[ثانيًا: إبطال القول بأن السواد موقوف]
وأما ما احتجوا به من أمر الدهقان الذي أسلم على عهد عمر، والذي أسلم على عهد عمر، والذي أسلم على عهد علي، فقالا له: "إن تركت أرضك فهي لنا": فإن معناه عندنا: أن لنا أن نزرعها، ونؤدي خراجها، ونؤاجرها، وكذلك نقول في الذي يعجز عن زراعة أرض الخراج.