وأما قول من قال: إنه ينفى إلى بلد آخر، ويحبس فيه: فلا معنى له أيضًا؛ لأن الحبس يستوي في بلده وغير بلده، وإنما معنى النفي هو نفيه عن سائر الأرض، إلا موضع الحبس الذي لا يمكنه فيه العبث والفساد، فصح بذلك ما قال أصحابنا.
فصل: [حكم قطاع الطريق إذا خرجوا فأخذوا المال .....]
ولم يختلف أصحابنا أنهم إذا خرجوا، فأخذوا المال: قطعت أيديهم وأرجلهم فحسب، وذلك لما وصفنا أن القتل لا يستحق بغير ما ذكر في الخبر من الأشياء الثلاثة، فوجب قطع اليد والرجل حينئذٍ بقوله سبحانه:} أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف {.
ولأن في الأصول: أن أخذ المال لا يستحق به القتل، وقد يستحق به قطع اليد والرجل، ألا ترى أن السارق تقطع يده، فإن سرق ثانية: قطعت رجله.
* وإن قتلوا ولم يأخذوا المال: قتلوا، لقوله تعالى:} أن يقتلوا {: معناه: إن قتلوا، لقوله عليه الصلاة والسلام: "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث"، وذكر فيه: "أو قتل نفس بغير نفس".
وهذان الفعلان لا خلاف بين أصحابنا رحمهم الله فيهما.
* وإن قتلوا وأخذوا المال: فإن أبا حنيفة رحمه الله قال في الجامع الصغير: الإمام بالخيار: إن شاء قطع أيديهم وأرجلهم، وقتلهم.