فكان النهي عن المثلة متأخرًا عن قصة العرنيين، فصار ناسخًا لما فيها من سمل العيون.
فصل: [المراد من النفي المذكور في آية قطاع الطريق]
وقد اختلف في النفي المذكور في الآية:
فروى مجاهد وغيره أن يطلبه الإمام أبدًا لإقامة الحد عليه حتى يخرج عن دار الإسلام.
وقال إبراهيم النخعي رحمه الله: نفيه حبسه، وهو قول أصحابنا.
وقال مالك: ينفي إلى بلد آخر غير البلد الذي استحق فيه العقوبة، فيحبس هناك. ط
فأما قول مجاهد في طلبه ليقام عليه الحد: فليس مما يقتضيه ظاهر الآية؛ لأن ظاهر الآية يقتضي أن يكون الحبس إحدى العقوبات التي استحقها كالقتل، لقوله عز وجل:} أو ينفوا من الأرض {، ولو كان طلبه لإقامة الحد، لقال والله أعلم: "وينفوا من الأرض"، يعني يطلبوا لقيام الحد عليهم.
وأما نفيه عن بلده بغير حبس: فلا معنى له؛ لأنه معلوم أن المراد بما ذكره زجره عن إخافة السبيل، وكف أذاه عن المسلمين، وهو إذا صار إلى بلد آخر وكان مطلقًا هناك، كانت معرته قائمة على المسلمين، إذ كان تصرفه هناك كتصرفه في بلده، فلا معنى لذلك.