وأيضًا: فإن الخبر إنما ورد فيمن استحق القتل بفعل سبق منه، واستقر حكمه عليه، كالزاني، والمرتد، والقاتل، والباغي لا يستحق القتل على هذا الوجه، وإنما يقتل على وجه الدفع، ألا ترى أنه لو قعد في بيته، فلم يقتل: لم يقتل وإن لم يكن تابعًا من البغي.
فثبت بما وصفنا أن حكم الآية على الترتيب على الوجه الذي بينا، وليس على التخيير.
* وأما الذي روي في خبر العرنيين، من سمل العيون، فهو منسوخ عندنا، ودلالة ذلك من وجهين.
أحدهما: أنا قد بينا أن الآية نزلت بعده، وليس فيها السمل، وجميع ما في الآية هو حد المحاربين، فصارت ناسخة لما في حديث أنس في قصة العرنيين.
والوجه الآخر: ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنه نهى عن المثلة".
روى الحسن عن سمرة قال: "ما خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أمرنا فيها بالصدقة، ونهانا فيها عن المثلة".
وروى ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تتخذوا شيئًا من الروح غرضًا".