عمير عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يحل قتل امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: زان بعد إحصانه، ورجل قتل فقُتل به، ورجل خرج محاربًا لله ورسوله، فيقتل أو يصلب، أو ينفي من الأرض".
قيل له: قد روي هذا الحديث عن عائشة رضي الله عنها من وجوه صحاح، فلم يذكر فيها قتل المحارب.
ورواه عثمان وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يذكرا قتل المحارب.
والصحيح منها ما لم يذكر ذلك فيه، إذ المرتد لا محالة مستحق للقتل بالاتفاق، وهو أحد الثلاثة المذكورين في خبر هؤلاء، فلم يبق من الثلاثة غيرهم، ويكون المحارب إذا لم يقتل خارجًا منهم، وإن صح ذكر المحارب فيه، فالمعنى فيه: إذا قتل، حتى يكون موافقًا للأخبار الأخر، فتكون فائدته أنه يجوز قتله على وجه الصلب.
فإن قيل: فقد ذكر فيه: "أو ينفى من الأرض".
قيل له: لا يمتنع أن يكون مبتدأ قد أضمر فيه: إن لم يقتل.
فإن قيل: فأنت تقتل الباغي وإن لم يقتل، وهو خارج من الثلاثة المذكورين في الخبر.
قيل له: ظاهر الخبر ينفي قتله، وإنما قتلناه بدلالة الاتفاق، وبقي حكم الخبر في نفي قتل المحارب، إلا أن يقتل على العموم.