وإن أوجب على الأمة نفي نصف سنة مع الجلد، فقد قال عليه الصلاة والسلام: "إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها"، حتى ذكر ثلاث مرات، ثم قال في الرابعة: "فليبعها ولو بضفير".
فدل هذا الخبر من وجهين على سقوط النفي:
أحدهما: قوله: "فليجلدها": من غير ذكر النفي، ولو كان النفي حدًا لذكره؛ لأن كلامه عليه الصلاة والسلام خرج مخرج تعليم الحكم.
والثاني: قوله: "فليبعها"، والنفي يضاد البيع؛ لأنه يمنع التسليم، فدل على أن النفي ليس بحد.
* ومما يدل على أن النفي ليس بحد: ما روى الليث بن سعد عن عقيل عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام "أنه قضى فيمن زنى ولم يحصن بنفي عامٍ، مع إقامة الحد عليه".
فإن قال قائل: على ما قدمنا: قد أوجب الله صيام ثلاثة أيام في كفارة اليمين مطلقًا، غير منوطٍ، بشرط التتابع، ثم لم يمتنع عندك إيجاب التتابع فيه؛ لما في قراءة عبد الله: "فصيام ثلاثة أيام متتابعات"، وفي ذلك زيادة في حكم النص على النحو الذي أبيتموه.