وليس للنفي مقدار معلوم في المسافة والبلدان، وقد يكون النفي إلى بعضها أشق، وإلى بعضها أيسر، ولو كان حدًا، لكان مقداره معلومًا كسائر الحدود.

فإن قيل: هو معلوم؛ لأنه نفي سنة.

قيل له: الوقت لعمري معلوم، وكان يجب أن تكون المسافة إلى الموضع الذي ينفي إليه معلومة، ويكون البلد أيضًا معروفًا؛ لأن ذلك يختلف في المسافة بالبلدان، كما يختلف في المدد.

وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم نفى أحد الزانيين إلى خيبر، والآخر إلى فدك، ونفى عمر إلى هجر، ونفى عثمان إلى مصر، وهذه مسافات مختلفة، مثلها لا يكون حدًا، وتدل على أنه اجتهاد، وأنه على حسب ما رأوا من التغليظ أو التخفيف.

وأيضًا: قال الله تعالى في شأن الإماء:} فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب {، واتفقت الأمة على استعمال هذا الحكم فيهن في الجلد، فإن كان النفي حدًا معه، فلا يخلو من أن يكون واجبًا فيها، أو غير واجب.

فإن كان غير واجب فيها مع قوله تعالى:} فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب {، ثبت أن الذي على المحصنات هو الجلد، لأنه كمال النصف الذي على الأمة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015