وقال علي رضي الله عنه: "كفي بالنفي فتنة".

فلم يروا النفي حدًا مع الجلد، وإنما رأوه على جهة الاجتهاد والمصلحة، ولو كان النفي حدًا مع الجلد، لما خفي على هؤلاء، كما لم يخف عليهم أمر الجلد، ولكانت شهرته عندهم كشهرة الجلد.

وقد ثبت النفي في الأصول على جهة الاجتهاد.

وقد روي "أن النبي صلى الله عليه وسلم نفى مخنثا".

"ونفى عمر رجلاً بالتهمة".

وليس يمتنع أن يكون حديث عبادة وأبي هريرة في العسيف على هذا المعنى.

فإن قيل: لو كان على طريق المصلحة، وموكلاً إلى رأي الإمام، لما أطلق اللفظ بإيجابه في هذين الخبرين، كإيجاب الجلد.

قيل له: ليس يمتنع أن تكون المصلحة في ذلك الوقت نفي جميع الزناة مع الجلد، تغليظًا وزجرًا، لقرب عهدهم باستباحتهم، ولقطعهم عن العادة فيه، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بشق الراوية حين حرم الخمر، وليس شق الراوية واجبًا الآن، وكما كسرت الأنصاب الأواني والدنان حين بلغهم تحريمها.

ومما يدل على أن النفي ليس بحد: أن الحدود معلومة المقادير،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015