بين ما يجعل البعض كلاً أو الكل بعضًا.

ووجه آخر في حديث عبادة: وهو قوله: "البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام": وهو أن حديث عبادة كان قبل نزول آية الجلد، لأنا قد بينا أنه لم يكن بين الحبس والأذى، وبين خبر عبادة واسطة حكم، فإذا كانت الآية بعده، وقد وردت مطلقة، فهي إذاً ناسخة للنفي المذكور فيه، لأنها تقتضي أن يكون ما فيها من الجلد هو الحد لا غير، وينفي أن يكون هو بعض الحد.

فإن احتجوا بما في حديث أبي هريرة في قصة العسيف، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لأقضين بينكما بكتاب الله: على ابنك جلد مائة وتغريب عام، واغد يا أنيس على امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها".

قيل له: قد بينا أنه لا يجوز الزيادة في نص القرآن بخبر الواحد، وهذا من أخبار الآحاد.

[النفي مع الجلد راجع لما يراه الإمام]

وأيضًا: فإنا نوجب النفي مع الجلد، لا على معنى أنه حد، بل على ما يرى الإمام من المصلحة فيه، وما يؤديه إليه اجتهاده، وإنما المتنكر منه عندنا أن يكون حدًا مع الجلد.

وقد روي "أن عمر ضرب رجلاً ونفاه، فارتد ولحق بدار الحرب، فقال عمر: لا أنفي بعده أحدًا أبداً".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015