عاشوراء نسخ بصوم شهر رمضان، وأن سائر الصدقات نسخت بالزكاة، وقد يصح اجتماع جميع ذلك في خطاب واحد.

وعلى أنا لو سلمنا ذلك، أن النسخ إنما يقع في الشيئين اللذين لا يصح اجتماعهما، كان سؤالك عنا ساقطًا فيما وصفنا، من قبل أن الآية إذا كانت موجبة لكون الجلد حدًا، امتنع انضمام النفي إليه في كونه معه حدًا؛ لأن الجلد إذا انفرد كان حدًا بكماله، وإذا ضم إليه النفي كان الجلد بعض الحد، وغير جائز أن يكون هو الكمال الحد، وهو بعض الحد في حال واحدة.

وأما الفرضان المختلفان، فليس كذلك، من أجل أن وجوب أحدهما وعدمه لا تأثير له في حكم الفرض الآخر، لا في الجواز ولا في البطلان؛ لأن ترك الزكاة لا يؤثر في صحة الصلاة وكمالها، وعدم بعض الحد يمنع كون الباقي حدًا، كما أن ترك بعض أعضاء الوضوء في الطهارة يمنع الباقي أن تكون طهارة، وكما أن من ترك ركعة من الصلاة يمنع الباقي أن يكون فرضًا.

وأيضًا: فإن الزيادة في هذا الباب تجري مجرى النقصان، لا فرق بينهما، فلو قال قائل: إن حد الزاني ثمانون، كان مخالفًا للنص، كذلك إذا قال: إن جلد المائة هو بعض الحد، فهو مخالف للنص.

ألا ترى أن عدة الوفاة لما جعلت أربعة أشهر وعشرًا بعد أن كانت حولاً: كان ذلك نسخًا، كذلك إذا قيل بعد إيجاب العدة أربعة أشهر وعشرًا: إن العدة حول: كان نسخًا للعدة الأولى، وإنما كانت الزيادة في معنى النقصان، من قبل أن الزيادة تخرج الأول من أن يكون حدًا، وتجعله بعض الحد، كما أن النقصان يجعل ما كان بعض الحد جميعه، فلا فرق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015