بقوله تعالى:} فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا والذان يأتينها منكم فأذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما إن الله كان توابا رحيما {، فكانت هذه الآية منذرة بسيل يكون لهن، حكمه موقوف على ورود البيان فيه، فقال في حديث عبادة مخبرًا عن السبيل المذكور في الآية: "خذوا عني: قد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر: جلد مائة، وتغريب عام".
فعلم أنه لم يكن بين الآية وبين هذا الخبر واسطة حكم غير ما ذكر فيه، والدلالة على صحة ذلك من وجهين:
أحدهما: قوله: "خذوا عني"، وأخبر أن الجلد الذي ذكره مأخوذ عنه، ودل على أنه لم يكن الجلد المذكور في سورة النور قد نزل.
والثاني: إخباره بأن السبيل هو الذي قصد إلى بيانه، فعلمنا أنه لم يكن هناك حد قبله غير الحبس والأذي اللذين في الآية، فثبت أن رجم ماعز والجهينة وقصة أنيس لم يكن حدث بعد؛ لأنها لو كانت قد حدثت، لكان السبيل معلومًا قبل قوله: "خذوا عني: قد جعل الله لهن سبيلاً".
ومما يدل على أن حديث أبي هريرة في قصة العسف متأخر عن حديث عبادة أيضًا: أنه ذكر فيه الفرق بين البكر والثيب، فيما أخبر به عن أهل العلم، وخاطب به النبي صلى الله عليه وسلم، مع ترك النبي عليه الصلاة والسلام النكير عليه، فعلمت الصحابة قبل حدوث هذه الحادثة