ووجه آخر: هو أن الابن الجاحد بمنزلة الغاصب في حق الغريم على ما تضمنه إقرار المقر، ولو أن غاضبًا غصب بعض مال الميت: كان الباقي مصروفًا في دينه، دون ورثته، كذلك المقر يزعم أن الأخ الجاحد غاصب في حق الغريم، وأن حق الغريم ثابت في جميع ما أخذه، فلذلك سلم إليه جميع دينه من نصيبه.
وليس كالإقرار بأخٍ آخر، أو وصية بالثلث؛ لأن ذلك يقتضي الشركة بينهما، أما الأخ ففي جميع المال، وأما الموصى له ففي الثلث، والغريم لا يثبت بينه وبين الوارث شركة بحال، فلذلك اختلفا.
مسألة:
قال أبو جعفر: (وإذا أقر بأخوين لأبيه، فصدقه أخوه في أحدهما، وكذبه في الآخر، فإن أبا يوسف قال: يأخذ المصدق به من المقر بهما ربع ما في يده، فيضمه إلى ما في يد الذي أقر به خاصة، فيقسمان ذلك نصفين، ويرجع المكذب به إلى الذي أقر به خاصة، فيقاسمه ما في يده نصفين.
قال: هذا قياس قول أبي حنيفة.
وقال محمد: يأخذ المصدق به من يد المقر يهما خمس ما في يده، فيضمه إلى ما في يد المقر به خاصة، فيقاسمه إياه نصفين، ويرجع المكذب به على المقر به وبالآخر، فيقاسمه ما في يده نصفين.
قال: وقد روى الحسن بن زياد هذا القول عن أبي حنيفة، وهو الصحيح على مذاهبهم، وهذا الجواب إذا كان المقر بهما متكاذبين).