مسألة:

قال أحمد: وقالوا في أحد الابنين إذا أقر بدين على الميت، وكذبه أخوه: أنه يأخذ جميع دينه مما حصل في يده، كأن الميت لو ترك مائتي درهم، فأخذ كل واحدٍ من الابنين مائة درهم، ثم أقر أحدهما بمائة درهم على الميت، وكذبه الأخ: أن المقر له يأخذ جميع المائة التي صارت للمقر.

والدين مفارق للوصية والميراث، وذلك لقول الله تعالى: {من بعد وصية يوصى بها أو دينٍ}، فأوجب الميراث بعد الدين، فلا يجوز أن يستحق شيئًا من الميراث وهناك دين؛ لأنه حينئذ يكون قد استحق الميراث مع الدين، والله تعالى إنما أوجبه بعد الدين.

فإن قيل: قوله: {أو دينٍ}: لفظ مذكور يتضمن استحقاق جواز الميراث بعد قضاء جزء من الدين الذي على الميت، ولا يصح لك الاحتجاج بالظاهر مع قضاء جزء من الدين.

قيل له: قد تضمنت الآية المنع من استحقاق الميراث مع بقاء الدين؛ لأن قوله: {من بعد}: يقتضي الترتيب، وما دام هناك دين باق، فهو ممنوع من استحقاق المال مع بقائه.

وقضاء جزء من الدين غير مخرجٍ مخالفنا من مخالفة حكم الآية، إذ كانت الآية متضمنة لمنع الميراث مع بقاء شيء من الدين، قليلًا كان أو كثيرًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015