وهذا هو معنى "قول عمر بن الخطاب فيما كتب به إلى أمرائه: أن لا يورث الحميل إلا ببينة".
وليس هذا المعنى موجودًا في الرجل؛ لأنه ليس في إثبات النسب للولد منه حمل للنسب على غيره، ألا ترى أنا إذا أثبتناه منه، وله امرأة: لم يثبت من امرأته إلا أن تصدقه؛ لأن الرجل قد يكون له امرأتان، وثلاث، وأربع، ويستفرش بملك اليمين، وليس في إثبات النسب منه حكم بين بإثباته من امرأةٍ بعينها، وفي إثبات النسب من المرأة: إلزام الولد زوجها؛ لأنها لا تكون فراشًا إلا لواحد.
فإن قيل: فقد ثبت النسب منها، ولا يلحق بغيرها، بأن تلده من زنى، ولا زوج لها.
قيل له: قد يكون ذلك، ولكنه لا يجوز لنا حمل أمرها على الزنى؛ لأن أمور المسلمين محمولة على الصحة والجواز، حتى يتبين غيرهما.