والكتابة عقد معاوضة، وليست ببيع، وكذلك الإجازة، والنكاح والصلح من دم العمد، ونظائرها من العقود المعقودة على شرط سلامة الأبدال، فكذلك الحوالة، وإن لم تكن بيعا فإن ذلك لا يمنع من أن يكون من شرط بقائها وصحتها إمكان استيفاء المال من جهة المحال عليه.
وعلى أنا لو جعلناها كأنها هي الألف التي كانت للمحيل حولها إلى ذمة المحال عليه، لم يوجب دخولها في ضمان المحال.
ألا ترى أن رجلا لو اشترى من رجل عبدا، ووضعاه فلى يدي عدل حتى ينقده الثمن، أن ذلك لا يوجب دخوله في ضمان المشتري وخروجه من ضمان البيع، فكذلك ما وصفنا.
وقد روى عن عثمان بن عفان أن المحال يرجع عند التوى على المحيل، وقال: لا توى على مال امرئ مسلم.
وروي نحوه عن شريح، ولا نعلم عن أحد من الصحابة خلاف ذلك.
فصل: [وجوه هلاك المال لرجوع المحتال على المحيل]
قال أبو جعفر: (والتوى في قول أبي حنيفة رحمه الله يكون من أحد وجهين:
وهو أن يجحد المحتال عليه الحوالة، ويحلف له عليها عند القاضي: ولا يكون للمحتال بها بينة.