مليء فليتبع"، فأمره بالإتباع بشرط الملاء، كأنه قال: فليتبع ما دام مليا، فمتى لم يكن مليا، وتوى المالـ، كان له إتباع الأول، إذ كان الأمر بالإتباع تناول حال إمكان استيفاء المال من المحال عليه دون غيرها.

وشرط الملاء: يدل على براءة صاحب الأصل بالحوالة؛ لأن المال لو كان باقيا في ذمة الأول: لم يضره أن لا يكون مليا، إذ كان المال باقيا في ذمة الأول.

وليست الحوالة بمنزلة الرهن، في باب أن هلاكه يسقط الدين، ولا يوجب له الرجوع على الراهن، من قبل أنه قد حصلت له يد مضمونة على الرهن، فصار من أجل ذلك في ضمانه، فلم تحصل للمحال يد على المال باحتياله به، فلا يصير في ضمانه.

فإن قيل: ليست الحوالة بمنزلة البيع، وإنما هى تحول المال إلى ذمة الثاني، فتصير به في ضمانه.

والدليل على أنها ليست ببيع: أن بيع ما في ذمة الغير لا يصح، ولو كان بيعا كان بمنزلة بيع ألف بألف، فكان لا يجوز له مفارقته قبل القبض، لأنه صرف.

قيل له: لم نقل إنها بيع فيلزم ما ذكرت، وإن كان من شرطها أن يسلم له ما في ذمة المحال عليه، وليس يقتضي ما قلنا أن يكون ذلك بيعا.

ألا ترى أن القرض ليس ببيع، ولو كان بيعا، ما جاز له مفارقته حتى يقبض ما عليه، ولا يخرجه ذلك من أن تكون الألف المقبوضة مضمونة عليه بألف مثلها بدلا منها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015