فادفعوا إليهم أموالهم.
فاقتضت الآيتان بمجموعهما حكمين:
أحدهما: منعه المال قبل بلوغ الأشد إذا لم يؤنس منه رشد.
والثاني: دفع المال إليه بعد بلوغ الأشد، وإن لم يؤنس منه رشد.
ثم الكلام في معني بلوغ الأشد، ومعرفة مقداره مسألة أخرى غيرها، وسنذكرها بعد الفراغ من هذا الفصل.
وليس في منعه المال حجر عليه، إذ قد يجوز أن يمنع الإنسان من ماله لأسباب توجبه، ولا يوجب ذلك أن يكون محجورا عليه، مثل الرهن ممنوع من الرهن، والمؤاجر ممنوع مما آجر، وليسا محجورا عليهما.
*وأما القول في المقدار الذي إذا بلغه الإنسان كان بالغا أشده، فإن طريقه الاجتهاد، وعليه الرأي، ولا سبيل لنا فيما كان سبيله ما وصفنا من المقادير إلا الاجتهاد، أو التوقيف، وذلك لأنه فصل بين حد الكبر وحال الحداثة.
ولا يتوجه على القائل بشيء منه سؤال، كتقويم المستهلكات، ونفقات الزوجات، ونحوها من المقادير التي طريقها الاجتهاد إذا عدمنا فيها التوقيف، ولا سبيل إلى إثباتها إلا من طريق القياس، ولا يمكن إقامة الدليل عليه إذا كان طريقها الاجتهاد، إلا أنه وإن كان حاله ما وصفنا، فلا بد من ذكر جهة تغلب في النفس إثبات هذا المقدار بعينه دون غيره من المقادير، فنقول: