وجمهور أهل السير على أن غزوة ذات الرقاع قبل الخندق في السنة الرابعة، والخندق في الخامسة، وجمع آخرون من أهل العلم يرون أن صلاة الخوف تصلى في الحضر كما تصلى في السفر، طيب النبي -عليه الصلاة والسلام- أخر الصلوات في الحضر، إما نسياناً كما قرر ابن قدامه أنه لما قال عمر: أنا ما صليت، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((وأنا والله ما صليت)) ففي الأسلوب ما يدل على أنهم نسوها، شغلوا عنها فنسوها، وإما أن يقال كما قرره الإمام البخاري وابن القيم وغيرهما من أهل التحقيق أن غزوة ذات الرقاع بعد الخندق، وحينئذٍ يكون تأخير الصلاة في غزوة الخندق قبل شرعية صلاة الخوف، صلاة الخوف أول ما شرعت في غزوة ذات الرقاع، إذا عرفنا هذا فالصلاة -صلاة الخوف- مشروعة سواءً كانت في الحضر أو في السفر، والمؤلف -رحمه الله تعالى- يقول: "وصلاة الخوف إذا كانت في إزاء العدو وهو في سفر" صلاة الخوف صحت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- على أوجه ستة أو سبعة كلها صحيحة عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، تختلف باختلاف الأحوال والظروف، ويفعل فيها الإمام ما هو الأحوط للصلاة، والأبلغ في الحراسة، لا بد أن يجمع بين الأمرين، الأبلغ في الحراسة، والأحوط للصلاة، فلا يفعل صورة فيها أكثر خلل في الصلاة مع إمكان أن يتلافى هذا الخلل أو شيئاً منه، ولا يفعل أو يعمل بصورة فيها تفريط بشيء من الحراسة، ولذلك جاءت على صور مختلفة، يقول الإمام أحمد: صحت من ستة أوجه أو سبعة، وأوصلها بعضهم إلى خمسة عشر وجهاً، وبعض العلماء من أهل الحديث إذا اختلفت الروايات ولو بسبب بعض الرواة جعلها صورة، والبعض الآخر وهم المحققون من أهل الحديث الأئمة يرون أن هذا الاختلاف بعضه له حظ من النظر، فيحمل على أنه صورة مستقلة، وبعضه لا حظ له من النظر، وإنما هو مجرد خطأ من الراوي، فيحكمون عليه بالوهن، ولا يلتفتون إليه.
"صلاة الخوف إذا كان بإزاء العدو" يعني العدو في جهة القبلة، وهو في سفر، يصلي صلاة قصر، يصلي ركعتين، بخلاف ما إذا كان في حضر فإنه يصلي أربع، وسيأتي صلاة الحضر.