أقول: الظروف التي نعيشها لا يعني أنها تلغي أحكام شرعية، تبقى الأحكام الشرعية على ما هي عليه، لكن لا يكلف الله نفساً إلا وسعها، طيب في جهاد الدفع هذا محل إجماع في صلاة الخوف، وأنها يتنازل فيها عن أشياء مبطلة للصلاة في حال الأمن، لكن ماذا عن جهاد الطلب؟ أنت الذي تطلب العدو بإمكانك أن تصلي صلاة كاملة، لكنك تخشى فواته، هل تصلي صلاة خوف أو ما تصلي؟ هذا محل خلاف بين أهل العلم، علماً بأن صلاة الخوف ثابتة بالكتاب والسنة، وإن قال الإمام أبو يوسف صاحب أبي حنيفة: إنها لا تشرع بعد النبي -عليه الصلاة والسلام-، لماذا؟ لأن الله -جل وعلا- قال: {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ} [(102) سورة النساء] مفهوم الآية أنك إذا لم تكن فيهم فلا صلاة خوف، ما في أحد إمام يستحق بعد النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يفرط بشيء من أركان الصلاة، أو يزاول شيء من مبطلاتها بعده -عليه الصلاة والسلام-، يصلون بأكثر من إمام، كل جماعة تصلي في إمام، هذا قول أبي يوسف، ومع ذلك صلاها الصحابة -رضوان الله عليهم- بعد النبي -عليه الصلاة والسلام-، فصلاها علي بن أبي طالب، وصلاها حذيفة، وصلاها جمع من الصحابة عند الحاجة إليها.
قال -رحمه الله-: "وصلاة الخوف إذا كان بإزاء العدو وهو في سفر" وصلاة الخوف إذا كان بإزاء العدو يعني العدو في جهة القبلة، وهو في سفر، يصلي صلاة سفر، يقصر فيها الصلاة، ويجمع، لكن إذا كانت في حضر، يختلف أهل العلم في صلاة الخوف في الحضر، فمنهم من يقول: إنه لا تصلى صلاة الخوف في الحضر، لماذا؟ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أخر الصلوات إلى غروب الشمس يوم الخندق، وقد صلاها في ذات الرقاع قبل الخندق صلى صلاة الخوف لأنها في سفر، ولم يصل صلاة الخوف بل أخر الصلوات لأن الخندق في حضر، فلا تشرع صلاة الخوف في الحضر، هذا قول جمع من أهل العلم.