وفي حاء: "رجع من غيره" قال ابن عبد الهادي في الدر النقي: بعد ما أثبت ما هو مذكور في الأعلى، وروي: "ورجع في غيرها" وإذا غدا من طريق ذهب إلى صلاة العيد من طريق رجع من غيره، طريق آخر، كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهذا ثابت عنه في العيد، وكثير من أهل العلم يقيسون الجمعة على العيد، وبعضهم يقول: حتى الصلوات، وجميع أعمال الخير، لو خرجت لدرس تذهب من طريق وترجع من آخر؛ لأنك تخرج إلى عبادة، فخطواتك محفوظة، فتكثر الخُطى، وتكثر البقع التي تشهد لك {وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} [(12) سورة يس] تشهد لك يوم القيامة، هذه حجة من يقول بالتعميم، والذي يقول: لا يفعل ذلك إلا في صلاة العيد؛ لأنه لم يثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه فعل ذلك في غير العيد، لكن قد يقول قائل: إنه يخرج لجمعة إلى المسجد، ما في طريق أصلاً، ما فيه طريق يدخل على المسجد مباشرة، فكونه -عليه الصلاة والسلام- ليس له طريق إلى المسجد، هل يتم الاستدلال بكونه لم يفعل ذلك في غير العيد على عدم فعل ذلك في غيره من قبل غيره -عليه الصلاة والسلام-؟! وهل الأفضل المشي أو الركوب الذي في الجمعة "ومشى ولم يركب" ولا شك أن الخُطى المكتوبة المحسوبة تقتضي أن يكون ماشياً لصلاة العيد وغيرها، اللهم إلا إذا كان المسجد في مكان بعيد بحيث يشق عليه، أو يلزم عليه فوات الصلاة، فإنه حينئذٍ يركب، نعم؟
أولاً: ما الحكمة وما العلة في تغير الطريق يوم العيد من قبله -عليه الصلاة والسلام-؟
منهم من قال: أنما ذلك من أجل العدل؛ لئلا يختص برؤيته بعض الناس دون بعض، وهذا يتم إذا كان في البلد طريقان فقط، إذا لم يكن إلا طريقين، إما إذا كان فيه طرق كثيرة ما عدل، العدل متعذر، إذن ما العلة الحقيقية لهذا الفعل؟!
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم، شهود الخطى، البقع، البقاع {وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} [(12) سورة يس] هذه من آثاره، ولذا استحب بعض أهل العلم أن يكثر الأماكن أماكن الصلاة، ونهى إطان كإطان البعير، من أجل أن يتنفل في مواضع متعددة، ويتنفل في غير مصلاه، من أجل أن تكثر هذه المواطن التي تشهد له يوم القيامة.