يعني كما اختلفوا في جمرة العقبة، هل هي في مكة أو في منى؟ خلاف هل هي في مكة أو في منى؟ قال: من يقول: إنها من منى يقول: إن رمي جمرة العقبة تحية منى، فدل على أنها في منى، رُد عليه من قبل الفريق الثاني أن التحية لا يلزم أن تكون داخلة في الشيء المحيا؛ لأن الطواف تحية البيت وهو خارجه.
وإطلاق اسم البلد على ما جاورها وقرب منها؛ لأن منى وعرفة ليسا من مكة، أما عرفة فلأنها خارج الحرم فليست من مكة قطعاً، وأما منى ففيها احتمال.
لكن المسألة فيها اتحاد وافتراق، لو افترضنا أن بنيان مكة البلد جاوز عرفة، يعني توسعت توسعاً دخل فيها كثير من الحل، ألا تكون من مكة من البلد المسمى بهذا الاسم؟ فلا تلازم بين مكة والحرم، كما أنه لا تلازم بين الافتراق بين مكة والحل.
وأما منى ففيها احتمال، والظاهر أنها ليست من مكة إلا إن قلنا: إن اسم مكة يشمل جميع الحرم.
قال أحمد بن حنبل: ليس لحديث أنس وجه، إلا أنه حسب أيام إقامته في حجته منذ دخل مكة إلى أن خرج منها لا وجه له إلا هذا.
وقال المحب الطبري: أطلق على ذلك إقامة بمكة؛ لأن هذه المواضع مواضع النسك، وهي في حكم التابع لمكة؛ لأنها المقصود بالأصالة لا يتجه سوى ذلك، كما قال الإمام أحمد، والله أعلم.
وزعم الطحاوي أن الشافعي لم يسبق إلى أن المسافر يصير بنية إقامته أربعة أيام مقيماً، وقد قال أحمد نحو ما قال الشافعي، وهي رواية عن مالك.
وفي باب: "كما أقام النبي -صلى الله عليه وسلم- في حجته" قال: حدثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا وهيب، قال: حدثنا أيوب عن أبي العالية البراء عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه لصبح رابعة يلبون بالحج، فأمرهم أن يجعلوها عمرة إلا من معه الهدي، تابعه عطاء عن جابر.
قوله: "باب كم أقام النبي -صلى الله عليه وسلم- في حجته؟ " أي: من يوم قدومه إلى أن خرج منها، وقد تقدم بيان ذلك في الكلام على حديث أنس في الباب الذي قبله.