وأما رواية: "خمسة عشر" فضعفها النووي في الخلاصة، وليس بجيد؛ لأن رواتها ثقات، ولم ينفرد بها ابن إسحاق، فقد أخرجها النسائي من رواية عراك بن مالك عن عبيد الله كذلك، وإذا ثبت أنها صحيحة فليحمل على أن الراوي ظن أن الأصل رواية سبعة عشر، فحذف منها يومي الدخول والخروج، فذكر أنها خمسة عشر.
يعني هي تسعة عشر بيومي الدخول والخروج، حذفت صارت سبعة عشر، جاء من وقف على السبعة عشر فقال: منها يومي الدخول والخروج فحذفهما، وهذا لو جاء ثالث أو رابع وقال: خمسة عشر وحذف يومين إلى آخره، هذا ما ينتهي.
واقتضى ذلك أن رواية تسعة عشر أرجح الروايات، وبهذا أخذ إسحاق بن راهويه، ويرجحها أيضاً أنها أكثر ما وردت به الروايات الصحيحة، وأخذ الثوري وأهل الكوفة برواية خمسة عشر لكونها أقل ما ورد، فيحمل ما زاد على أنه وقع اتفاقاً، وأخذ الشافعي بحديث عمران بن حصين، لكن محله عنده فيمن لم يزمع الإقامة، فإنه إذا مضت عليه المدة المذكورة وجب عليه الإتمام، فإن أزمع الإقامة في أول الحال على أربعة أيام أتم، على خلاف بين أصحابه في يومي الدخول والخروج فيها أو لا، وحجته حديث أنس الذي يليه.
قال: "فنحن إذا سافرنا تسع عشر قصرنا، وإن زدنا أتممنا" ظاهره أن السفر إذا زاد على تسعة عشر لزم الإتمام، وليس ذلك المراد، وقد صرح أبو يعلى عن شيبان عن أبي عوانة في هذا الحديث بالمراد، ولفظه: "إذا سافرنا فأقمنا في موضع تسعة عشر" ويؤيده صدر الحديث، وهو قوله: "أقام" وللترمذي من وجه آخر عن عاصم "فإذا أقمنا أكثر من ذلك صلينا أربعاً".
قوله في حديث أنس: "خرجنا من المدينة" في رواية شعبة عن يحيى بن أبي إسحاق عند مسلم "إلى الحج" قوله: "فكان يصلي ركعتين ركعتين" في رواية البيهقي من طريق علي بن عاصم عن يحيى بن أبي إسحاق عن أنس "إلا في المغرب".
قوله: "أقمنا بها عشراً" لا يعارض ذلك حديث ابن عباس المذكور؛ لأن حديث ابن عباس كان في فتح مكة، وحديث أنس كان في حجة الوداع.
قال -رحمه الله-: قوله: "أقمنا بها عشراً" لا يعارض ذلك حديث ابن عباس المذكور؛ لأن حديث ابن عباس كان في فتح مكة، وحديث أنس كان في حجة الوداع.