قد يقول قائل: إن هذا التنبيه حصل بحديث عمر، ولا يلزم التنبيه في كل مناسبة، إذا حصل التنبيه الذي تلزم به الحجة لا يلزم التنبيه في كل مناسبة، فالنية لا بد منها، نعم نية الصلاة لا بد منها، نية التقرب إلى الله -جل وعلا- لا بد منها، ولكن مثل هذه النية التي تحتاج إلى تنبيه؛ لأن الأمور الدقيقة في دقائق المسائل لا بد من التنبيه على ما يؤثر فيها بخصوصه، لا سيما إذا قلنا بأن الأصل في صلاة السفر أنها ركعتان، الرباعية ركعتان، ويدل عليه حديث عائشة: أول ما فرضت الصلاة ركعتين، فمثل هذا لا يحتاج إلى تنبيه، فأقرت صلاة السفر وزيد في الحضر إلا المغرب فإنها وتر النهار، وإلا الفجر فإنها تطول فيها القراءة، وعلى هذا القصر إنما يكون للصلاة الرباعية، والإجماع قائم على أن المغرب لا تقصر، والفجر أيضاً لا تقصر، ويدل عليه حديث عائشة، والإجماع ثابت، إلا ما يذكر عن ابن دحية، ومن يقول بقوله: إن المغرب تقصر، وتكون ركعتين، لكن هذا قول محجوج بالدليل والإجماع.
"ومن لم ينو القصر في وقت دخوله إلى الصلاة لم يقصر" لأنه لم ينو، وحديث عمر نص في النية، لكن جمع من أهل التحقيق يرون أن هذا لا يحتاج إلى نية؛ لأنه لو احتاج لنبه عليه؛ لأنه مما يحتاج إليه كثيراً، والصحابة -رضوان الله عليهم- صلوا خلف النبي -عليه الصلاة والسلام- وما حفظ عنه أنه قال نريد أن نقصر، بخلاف قوله في المسجد الحرام: ((أتموا فإنا قوم سفر)) نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الإمام، يعني إمام يريد أن يقصر، لكن هل في هذا مظنة إلى أن يخالف؟ في مكة وهذه واقعة، في مسجد من مساجد مكة في وقت الحج في الموسم، المسجد فيه أكثر من عشرين صف، وهؤلاء كلهم جاءوا لهذا المسجد ليصلوا خلف إمام المسجد الذي هو في الأصل مقيم، وإذا صلوا خلف المقيم يلزمهم الإتمام، دخلوا بهذا النية، فالذي حصل هم دخلوا بنية الإتمام؛ لأنهم ينوون الصلاة خلف مقيم، وإن ائتم بمقيم لزمه الإتمام، دخل شاب من الشباب المسافرين، وتقدم الناس، وصلى بهم ركعتين الظهر، وقال: أتموا، فماذا عن المسافرين؟ المقيم ما في إشكال يتم، لكن المسافر يتم وإلا يقصر؟ لأنه دخل بنية الإتمام؛ لأنه دخل بنية الإئتمام بمقيم.