هذا قول الجمهور أن العاصي لا يترخص {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ} [(173) سورة البقرة] هذا عاصٍ فلا يترخص ولا بأكل الميتة، فهذا قول عامة أهل العلم، والحنفية يرون أن الوصف المؤثر هو السفر، والعاصي في سفره يقال له: مسافر، وما دام توفر الوصف المؤثر يترتب عليه الحكم الشرعي بغض النظر عن معصيته وطاعته، ويرون في هذا أن الجهة منفكة، يترخص وعليه إثم المعصية، لا سيما وأن عندهم أن قصر الصلاة واجب، وعزيمة، فإذا لم يترخص جمع بين محظورين العصيان في السفر وترك الواجب، فإذا ترخص كان أفضل ممن لم يترخص، بل يلزمه أن يترخص إذا قالوا بوجوب القصر، وميل شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- إلى قول الحنفية، أنه يترخص، وإن كان عاصياً في سفره، ولم ينظروا إلى العلة التي أبداها الجمهور في عدم الترخص.
"واجباً أو مباحاً" يعني سفر نزهة، سياحة، يترخص إذا وجد الشرط، وجد السفر "ومن لم ينو القصر في وقت دخوله إلى الصلاة لم يقصر" نية القصر واجبة لحديث عمر -رضي الله تعالى عنه-: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)) وهذا ما نوى، ما نوى هذا القصر فليس له أن يقصر، وهذا هو المعروف عند الحنابلة والشافعية، لكن هل حفظ عن النبي -عليه الصلاة والسلام- لما قصر الصلاة في السفر قال لأصحابه: إننا نريد أن نقصر؟ وما الذي يدري الكثير منهم لا سيما في أوائل الأمر أن الصلاة تقصر؟ لا بد من التنبيه على هذا.