لأنه بدلاً من أن تأتي بالاسم الظاهر حشوًا تأتي بما يدل عليه وقد تقدم مرجعه لكنه من جهة المعنى لا من جهة اللفظ، لأن {هُوَ} يعود على العدل المفهوم من قوله: {اعْدِلُواْ} إذا مرجع {هُوَ} معنى، الذي هو المصدر المنسبك منه الفعل {اعْدِلُواْ} منسبك من مصدر وزمن، العدل هو الذي عاد عليه الضمير [أو حكمًا] (?) أو معنًى نحو قوله تعالى: ... {اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8] أي العدل، أو لقرينة الحال المقام كقوله: {وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ} [النساء: 11]، (أَبَوَيْهِ) الضمير يعود إلى أي شيء؟ الميت هذه لقرينة الحال، صحيح؟ لقرينة الحال، أو حكمًا نحو قوله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1]، ... {هُوَ اللَّهُ} هذا حكمًا، يعني هذا ضمير القصة والشأن يعود إلى متأخر، أو يقتضي المقام إذًا يقتضي المقام أن يُورِدَ الضمير غيبة، ثم المرجع قد يكون ملفوظًا به صريحًا، وقد يكون معنًى، وقد يكون معلومًا بقرينة الحال، وقد يكون حكمًا. هذه أربعة أحوال.
أو يقتضي المقام أن يورد فيه ضمير متكلم. قوله تعالى: {إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [القصص: 30] وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «أنا أفصح العرب».
أو يقتضي المقام أن يورد فيه ضمير خطاب كقوله تعالى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [القصص: 56] {إِنَّكَ} الكاف للخطاب هنا، إذًا اقتضي المقام أن يأتي بضمير خطاب وهذا واضح، واقتضى المقام أن يأتي بضمير المتكلم، وهذا واضح، واقتضى الخطاب أن يأتي بضمير غيبة فلا بد له من مرجع على التفصيل الذي ذكرناه سابقًا.
وَإِنْ بِإِضْمَارٍ يَكُنْ مُعَرِّفَا ... فَلِلْمَقَامَاتِ اْلثَّلاَثِ فَاعْرِفا
ثم قال:
وَالأَصْلُ فِي الْخِطَابِ لِلْمُعَيَّنِ ... وَالتَّرْكُ فِيهِ لِلْعُمُومِ الْبيِّنِ
هذه المسألة هي التي ينفرد بها البيانيون، المسألة السابقة تحدث عنها النحاة وغيرهم، وأما كون المخاطب يكون معينًا على الأصل هذا حديث البيانيين، (وَالأَصْلُ فِي) مقام (الْخِطَابِ) أي الحق الواجب له بحسب وضع اللغة أن يكون للمعين، يعني: إذا خاطبتَ شخصًا بـ (أنت) ترى {إِنَّكَ لَا تَهْدِي} الأصل أن يكون الخطاب معين، شخص معين، إمَّا مفرد أو مثنًّى أو جمعًا، هذا الأصل فيه، وقد لا يكون الخطاب لمعين لحكمة ما، كما قال: (لِلْعُمُومِ الْبيِّنِ) فحينئذٍ نقول: عندنا أمران فيما يتعلق بضمير الخطاب:
أصلٌ بحسب وضعه اللغوي. وفرع، وهو مجاز عندهم.
الأصل أنه إذا خوطب الشخص بلفظ الخطاب بضمير الخطاب يكون معينًا (أنتَ، أنتِ، أنتما، أنتم) هذا الأصل، أن يكون الشخص معينًا.
وقد يخرج عن ذلك ولا يراد به المعين، ويكون ماذا يكون مفيدًا للشمول البدلي (وَالأَصْلُ فِي) مقام (الْخِطَابِ) أي الحق الواجب له بحسب وضع اللغة أن يكون للمعين مخاطبه، أي أن يعين المخاطب مفردًا كان أو مثنًّى أو جمعًا لأن أصل وضع المعارف أن تُستعمل في معين. ما هو المعرفة؟ ما وضع المستعمل في معين. إذًا ضمير خطاب من المعارف الأصل فيه أنه يُستعمل في معين. إذًا هذا لا يُسأل عنه مع أن الخطاب هو توجيه الكلام إلى حاضر فيكون معينًا.