(وَإِنْ بِإِضْمَارٍ يَكُنْ) المسند إليه (مُعَرِّفَا) خبر (يَكُنْ) واسمه الضمير المسند إليه يكون لأحد أسباب (فَلِلْمَقَامَاتِ اْلثَّلاَثِ) والمراد بها الغيبة والتكلم والخطاب، يعني يكون ضميرًا للمتكلم، ويكون ضميرًا للمخاطب، ويكون ضميرًا للغائب. أنا ضربتُ، أنتَ أَنتِ، ضربتَ ضربتِِ، هو ضَرَبَ. إذًا جيء به ببيان أن المسند إليه لا بد وأن يعبر عنه بأحد الضمائر الثلاث، لأن الخطاب مغاير للغيبة، والغيبة مغاير للتكلم، فلا بد من الإتيان به للدلالة على ما وُضِعَ له في لسان العرب، (فَلِلْمَقَامَاتِ اْلثَّلاَثِ) وهي الغيبة والتكلم والخطاب (فَاعْرِفا) فاعرفن الفاء عاطفة، والألف بدل من نون التوكيد الخفيفة، والجملة هذه تكملة.
إذًا المقام قد يقتضي أن يُورِدَ المتكلم فيه ضمير غائب لتقدم ما يرجع إليه المسند إليه لفظًا، يعني قد يأتي بضمير الغيبة لتقدم ما ذُكرَ أو ما عاد عليه الضمير، يعني لو قلت: هو راكب. هو لا يعود إلا على شيء متقدم ولا يعود على متأخر، إذًا إذا أردت أن يكون دلالة المسند إليه ضمير غائبًا فلا بد أن يكون عائدًا على شيء متقدم لفظًا كقول أبي تمام:
هو البحر من أي النواحي أتيته ... فلجته المعروف والجود ساحله
هو في البيت السابق تحدث عن أبي إسحاق المذكور في البيت السابق فقوله: هو البحر، هو مسند إليه جاء به معرفة ضميرًا للغيبة لماذا؟ لكونه قد رجع إلى مذكور صريح سابق، واضح؟
إذًا بدلاً من أن يقول يتحدث عن زيد من الناس تقول: زيد قادم، وزيد راكب، هذا فيه حشو، وإنما تقول: زيد قادم، وهو راكب. إذًا لماذا جئت بالضمير في الثاني؟ لكونه قد دل على ما يرجع إليه سابقًا، فلو جئت بالاسم الصريح الظاهر حينئذٍ صار حشوًا، فالمقام يقتضي هنا الإضمار ولا يقتضي الإظهار، فبدلاً من أن تأتي بالاسم مظهرًا زيد وهو قد ذكر سابقًا تأتي بالضمير الراجع إليه، والضمير هنا رجع إلى لفظ مذكور صريح يعني نطق به، أو معنًى يعود الضمير الغيبة وهو مسند إليه إلى سابق لكنه من حيث المعنى لا من حيث اللفظ يعني لم ينطق به لم يصرح، كما لو قلت: زيد قادم وهو حاضر. هو عاد على شيء مصرح به أو معنًى نحو قوله تعالى: {اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8]، {هُوَ} إيش إعرابه؟ مبتدأ مسند إليه جاء ضميرًا، لِمَ جاء ضميرًا، لماذا؟