والله إني لصادق، هذا لشديد الإنكار، وإذا زدت والله الذي لا إله غيره [ها ها] حينئذٍ تؤكد له ومن ذلك قوله تعالى: {وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءهَا الْمُرْسَلُونَ * إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا} انظر هنا إنكاري {فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا} يعني: الرسل. {إِنَّا إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ} [يس: 13، 14] كم مؤكد؟ {إِنَّا إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ} كم مؤكد؟

مُؤَكِّدِيْنِ، أتى بمُؤَكِّدِيْنِ، الأول {إِنَّا} والثاني اسمية الجملة، {قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا} بعد ما أكدوا لهم بمؤكدين زاد الإنكار {قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمن مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ * قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ} [يس: 15، 16] ماذا زاد عن الجملة الأولى؟ {رَبُّنَا يَعْلَمُ} قالوا: هذا - كما قال الزمخشري - فيه قوة القسم، كأنهم قالوا: والله. {يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ} زادوا اللام، لما تَكَرَّرَ منهم الإنكار زادوا لهم يعني الرسل في المؤكدات فقوله: {رَبُّنَا يَعْلَمُ} جاري مجرى القسم في التأكيد كما ذكره الزمخشري في كشافه، وإنا واللام واسمية الجملة، وذلك لمبالغة المخاطبين في الإنكار، فهذا هو الضَّرْبُ الثالث من ضُرُوبِ الخبر وهو الإنكار أو الذي يسمى الإنكاري وهو الملقى إلى المنكر، سُمِّيَ به إذ هو مسبوق بإنكار المخاطَب. هذه أنواع وأَضْرُب الخبر.

(إِنْ ابْتِدَائِيًّا فَلاَ يُؤَكِّدُ) إن كان ابتدائيًّا خال الذهن فالحكم أنه لا يؤكد له مطلقًا، فإن أُكِّدَ له حينئذٍ خرج عن حد البلاغة.

(أَوْ طَلَبِيًّا فَهْوَ فِيهِ) يعني: في هذا الطلب (يُحْمَدُ) يعني: يجب، لكن الوجوب هنا أقل من الإنكار.

(وَوَاجِبٌ) يعني: واجب تأكيده للمخاطَب بمؤكِّد واحد فأكثر ... (بِحَسَبِ الأِنكَارِ) قوة وضعفًا.

إخراج الكلام على هذه الوجوه - إذا طبقنا الأحكام السابقة - يسمى إخراجًا على مقتضى الظاهر، إخراج الكلام من المتكلم عندما تكلم بأنا صادق، إني صادق، والله إني لصادق، إذا أخرجته باعتبار المخاطَب يعني: هل هو خالي الذهن، متردِّد، وعاملت كل شخص بما هو أهله يُسمَّى إخراجًا للكلام على مقتضى الظاهر من خلوه من التأكيد في الأول الابتدائي، والتقوية بمؤكد استحسانًا على جهة الايجاب في الثاني، ووجوب التوكيد (بِحَسَبِ الأِنكَارِ) في الثالث.

قد يُخَالَف نعكس، نخاطِب خالي الذهن بمؤكِّد، نعامل المنكر معاملة خالي الذهن لكن لنكتة لفائدة، إذا لم يكن لفائدة أو لنكتة مقصودة فهو منتفٍ، يعني: وصف البلاغة عنه منتفٍ، قد نعامل خالي الذهن معاملة المنكِر، وقد نعامل المنكِر معاملة خالي الذهن، فإذا عاملنا خالي الذهن معاملة المنكِر أكَّدنا له .. # 39.28، وإن كان الأصل أنه لا يُؤَكَّد له، قد يعامل المنكِر معاملة خالي الذهن فلا يؤكد له، هذا متى؟ إذا خرج الكلام على غير مقتضى الظاهر، واضح هذا؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015