(وَوَاجِبٌ بِحَسَبِ الأِنكَارِ). وعبر بقوله: (يُحْمَدُ). ليدل على أن هذا وجوبه أقل من وجوب الإنكار، فلذلك عدل عن التعبير بالواجب، وإلا الأصل أن يقول: وطلبيًّا فهو فيه يجب. يجب فهو واجب، لكن لما كان وجوبه أقل من وجوب التأكيد الإنكاري عَبَّر عنه بـ (يُحْمَدُ)، فالمراد أن تقوية في هذه الحالة واجب وجوبًا ما غير بالغ إلى الغاية لكن عبر عنه بـ (يُحْمَدُ) تنبيهًا على أن هذا الوجوب ليس بالقوة كوجوبه إذا كان الكلام مع المنكِر، وذلك كقولك لمن يتردد في قيام زيد: لزيد قائم إن زيدًا. تأتي بمؤكد ولو كررت كذلك لا بأس زيد قائم زيد قائم، أكدت بالتكرار وهو نوع من أنواع التوكيد، فهذا هو الضرب الثاني من ضروب الكلام وهو الطلب، سُمِّيَ به إذ هو مسبوق بطلب المخاطَب بلسان الحال أو المقال.
(وَوَاجِبٌ بِحَسَبِ الإِنكَارِ) هذا النوع الثالث، إن كان المخاطب منكِرًا للحكم يعني: [يعتقد] (?) تصور الطرفين والنسبة واعتقد مدلول ما تخاطبه بعكسه، يعني: تصور قيام زيد، زَيْدٌ قَائِمٌ واعتقد خلافه، هذا يُسمَّى ماذا؟ منكِرًا للحكم حاكمًا بخلافه، وهذا وَجَبَ توكيده، ولذلك قال: (وَوَاجِبٌ). يعني: توكيده (بِحَسَبِ الإِنكَارِ)، (وَوَاجِبٌ) يعني: وجب توكيد (بِحَسَبِ الإِنكَارِ) قوة وضعفًا، يعني: إذا قوي الإنكار جئت بمؤكدَيْنِ، إن ازداد الإنكار جئت بمؤكد واحد [$ هل فيه شيء هنا $ 32.55]، إن ضعف الإنكار جئت بمؤكد واحد، إذًا (بِحَسَبِ الإِنكَارِ) يعني: قوة وضعفًا لأن الجملة قد يجتمع فيها مؤكِّدان فأكثر، وَاللهِ إِنَّ زَيْدًا لَقَائِم كم مؤكد؟ والله، إن، ل اللام زيدًا قائم جملة اسمية أربع مؤكدات، متى هذا تقول: وَاللهِ إِنَّ زَيْدًا لَقَائِم؟ إذا بلغ الإنكار غايته بمعنى أنه إذا بلغ قوة يحتاج إلى الزيادة في التوكيد، (بِحَسَبِ الإِنكَارِ) قوة وضعفًا، أي: بحسب رسوخه في اعتقاد المخاطب وعدمه فإن ضعف إنكاره بحيث يمكن إزالته بسهولة، حينئذٍ يكتفي بمؤكد واحد، فإذا أكَّده بمؤكِّد واحد حينئذٍ استوى مع الطلب، [نعم] والذي يُمَيِّزُ هذا عن ذاك حال المخاطَب فإن كان الكلام مؤكَّدًا بمؤكِّد واحد قال قائل: إِنَّ زَيْدًا قَائم. هذا يحتمل أنه طلبي ويحتمل أنه إنكاري، ما الذي يميز هذا عن ذلك؟
المخاطَب، فإن كان المخاطب مترددًا في الحكم فهو طلبي، وإن كان منكِرًا للحكم حاكمًا بخلاف فهو إنكاريٌّ، لكن إِنَّ زيدًا لقائم، هذا إنكاري قطعًا لأن المؤكِّدَيْنِ فأكثر إنما يكون في الإنكار، فحينئذٍ إذا ضَعُفَ الإنكار اكْتُفِيَ بمؤكِّدٍ واحد، وإن توقع ذلك #34.57 جئت له بمؤكِّدَيْنِ .. وهكذا، كلما ازداد في الإنكار زدت في التوكيد إزالة له.
لو قال قائل: أنا صادق، إني صادق، إني لصادق، والله إني لصادق.
أنا صادق. لمن؟ لخالي الذهن.
إني صادق هذا مؤكد بكم؟ مؤكِّد واحد وهو: إن. إني صادق يجوز أن يكون لمتردد ولمنكر ضعيف الإنكار.
إني لصادق كم مؤكد؟ إن واللام، هذا للمنكر لكنه وسط.