(أَوْ طَلَبِيًّا) أو كان المقام (طَلَبِيًّا) نسبة إلى الطلب كما أن ابتدائيًّا نسبة إلى الابتداء، بأن تخاطب من كان متردِّدًا في الحكم يعني: تصور الطرفين والنسبة، تصور زيد وتصور قيام زيد ونسبة القيام لزيد، لكن شك في وتردد في هل النسبة واقعة بالفعل أم لا، أليس كذلك؟ حينئذٍ يسمى متردِّدًا، بأن تخاطب من كان متردِّدًا في الحكم بأن حضر في ذهن طرفا الحكم والنسبة وتحير في أن الحكم بينهما وقوع النسبة أو لا وقوعها، وكان طالبًا للحكم ليعلمه هل هو سلب أم إيجاب (فَهْوَ فِيهِ يُحْمَدُ) الفاء وقع في جواب الشرط، ومرجع الضمير التوكيد المفهوم من قوله: (يُؤَكَّدُ). يجوز أو لا يجوز؟
يجوز من باب {اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8] {اعْدِلُواْ هُوَ} أي: العدل. (فَلاَ يُؤَكَّدُ) هو (فَهْوَ) أي: التوكيد (فِيهِ) في الطلب لهذا النوع (يُحْمَدُ) أي: محمود. أي: حسن كما يعبر البيانيون، (فَهْوَ) الفاء وقع في جواب الشرط ومرجع الضمير التوكيد المفهوم من قوله: (يُؤَكَّدُ)، من باب {اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}، (فِيهِ) أي: في المقام الطلبي الضمير يعود إلى مقام الطلب يُحْمَدُ أي: يَحْسُنُ. هذا عبارة البيانيين يَحْسُنُ، (يُحْمَدُ) أي: توكيده. أي: يحسن توكيد بمؤكد واحد، واحد فقط، تأتي بمؤكد واحد بأن تدخل في كلامك إن أو اللام أو غيرهما ليزيل ذلك التأكيد تردد المخاطب ويتمكن الحكم في ذهنه، فحينئذٍ لو كان عنده شيء من التردد لا يصلح أن تقول له: زَيْدٌ قَائِمٌ. فلو قلت له: زَيْدٌ قَائِمٌ. وعنده شيء من التردد نقول: هذا لم يطابق مقتضى الحال ليس كلامًا بليغًا، وإنما تقول له: إِنَّ زَيْدًا قَائمٌ. حصل ماذا؟ هل ثَمَّ فرق بين قولك: زَيْدٌ قَائِمٌ. وقولك: إِنَّ زَيْدًا قَائِمٌ؟ تقول: نعم. الأول خالي عن التأكيد فيلقى لخال الذهن، والثاني مؤكَّدًا بمؤكِّد واحد فإذا كان المخاطَب متردِّدًا في الحكم طالبًا له فحينئذٍ صار (طَلَبِيًّا). وقول الناظم: (يُحْمَدُ). يفهم منه أن التأكيد في هذه الحالة ليس بواجب إنما محمود وحسن، والأمر ليس كذلك، اللهم إلا أن يقال: إن قوله (يُحْمَدُ) شاملٌ للوجوب وغيره فلا يدل على الوجوب بخصوصه، هذا كالشرع الواجب محمود، والمندوب كذلك محمود، الواجب حسن وكذلك المندوب حسن، فاللفظ فيه إجمال، فقوله: (يُحْمَدُ). مراد به أنه واجب، فالمراد أن تقوية هذا المقام في هذه الحالة واجب لكنه لم يعبر بالوجوب لأنه عبر في قوله: