السرقات معلومة لا يحتاج إلى التعريف [ها ها] وهي جمع سرقة، السرقة كما تكون في الأموال تكون في الأفكار، نعم تكون في الأفكار، وهي السرقة هنا أن يأخذ الشاعر كلام شاعر تقدم عليه، واتفق أهل البديع هنا إن كان في الغرض على العموم كالوصف بالشجاعة والسخاء فلا يسمى سرقة، يعني: لو تكلم شاعر ووصف أو مدح الكرم، وجاء متأخر فمدح الكرم ليس عندنا سرقة لماذا؟ لأن الكرم هذا مُشاع ليس لأحد، ومثله في وجه الدلالة المشترك في معرفته لتقرر ذلك في العقول والعادات، كذلك ما يطلق من العبارات لو أطلق حاتمًا على زيد من الناس أطلقه متقدم وأطلقه متأخر لا نقول المتأخر قد أطلق حاتمًا على زيد لكرمه وجوده إذا هذه سرقة، نقول: لا، وجه الدلالة هنا في إطلاق العلم هذا مشاع ليس مختصًا بأحد من الناس لتقرر ذلك في العقول والعادات، وإن لم يشترك الناس في معرفة وجه الدلالة جاز أن يُدَّعَى فيه السبق والزيادة، يعني ما نحكم أن الثاني مما اختص به، يعني هذا التركيب انفرد به المتنبي أو الفرزدق أو جرير هذا التركيب بعينه في الدلالة على شيء ما، وجاء متأخر فإذا به يأتي بالتركيب نفسه، لا نَدَّعِي السرقة إلا إذا علمنا بأن الثاني نص على ذلك، وإذا لم نعلم حينئذ نقول: هذا يشبه ذلك وذاك متقدم، فلازمنا وإنما الفضل للمتقدم، جاز أن يُدَّعَى فيه السبق والزيادة بأن يحكم بين القائلين فيه بالتفاضل بأن يقال: زاد أحدهم على الآخر، أو نقص منه.
السرقات ظاهر وغير ظاهر، السرقات نوعان: ظاهر، وغير ظاهر.
الظاهر يُعَنْوَنُ لها بالجلية سرقة جلية واضحة كالشمس في كبد السماء.
وغير الظاهر الخفي حينئذ لها أحكام تتعلق بها.
ظاهر وهي سرقة الجلية وهي ضابطها: أن يأخذ المعنى كله، إما بلفظه كله أو بعضه، أو وحده. هنا عندنا معنًى ولفظ، المعنى كله وهذا لا إشكال فيه، ثم قد يأخذ اللفظ كله أو بعض اللفظ أو يأخذ المعنى وحده، فإن أخذ اللفظ كله من غير تغيير يعني تغيير للفظه لكيفية التركيب والتأليف الواقع بين مفردات سُمِّيَ [انتحالاً] ونسخًا، يسمى نسخًا، إذا أخذا المعنى كله باللفظ كله هذا يُسَمَّى نسخًا، يعني فيه معنى النقل،
النسخ نقل أو إزالة كما حكوه عن أهل اللسان ..
إذًا من معاني النسخ في لسان العرب النقل، هنا نقله بكماله وهو مذموم كما قال الناظم هنا، (فالنَّسْخُ ** يُذَمُّ) السرقات ظاهر قسمان منه ظاهر جلي، ثم جاءت الفاء فاء الفصيحة ما هو هذا الظاهر؟ (فالنَّسْخُ ** يُذَمُّ) ما هو النسخ؟ أخذ المعنى كله بلفظه كله من غير تغيير للنظم، يُسمّى ماذا؟ يُسمَّى نسخًا، ما حكمه عندهم؟ مذموم بدون تفصيل، ولذلك قال: ... (فالنَّسْخُ ** يُذَمُّ) والفاء فاء الفصيح، فالنسخ أخذ المعنى كله مع جميع اللفظ، يعني أخذ البيت بنفسه وادَّعَاه له، كما حُكِيَ عن عبد الله بن الزبير أنه فعل ذلك بقول مَعَن [وفي الحاشية هناك يقول مُعَن] ابن أوس
إذا أنت لم تنصف أخاك وجدته ... على طرف الهجران إن كان يعقل
ويركب حد السيف من أن تضيمه ... إذا لم يكن عن شفرة السيف مذحل
هذه قصيدة لمعن بن أوس أولها:
لعمرك ما أدري وإن لأوجل ... على أينا تعد المنية أول