إذا نزل السماء بأرض قوم رعيناه، إذا نزل السماء رعيناه، أراد بالسماء إذا نزل السماء يعني نزل المطر، ورعيناه أراد به النبات، السماء يطلق ويراد به القطر ويطلق ويراد به النبات لكنه مجاز، أراد بالسماء الغيث، وبضميره في رعيناه النبات، وكلا المعنيين مجاز. والثاني نحو ماذا؟ قوله: أتينا غيثًا فرعيناه. أتينا غيثًا يعني نباتًا فرعيناه أي النبات، الأول مجازي والثاني حقيقي [نعم].
إذًا الاستخدام يكون على نوعين: إيراد لفظ له معنيان، الأول يراد به معنى ثم بضميره معنى آخر، أو يراد بأحد ضميريه أحدهما ثم بالآخر الآخر على التفصيل .. .
(وَالسَّوْقِ) أي سوق معلومٍ مساق غيره، وهو ما يسمى بتجاهل العارف لنكتة كالمبالغة في المدح، يعني كأنه ما يعرف ويأتي بسلسال أو بسؤل أو نحو ذلك:
ألمع برق سرى ضوء مصباح ... أم ابتسامتها بالمنظر الضاحي
كأنه ما يدري، فيستفسر ألمع برق؟ يعني ما يدري هل هذه الابتسامة التي وقعت هل هي لمع برق؟ أم ضوء مصباح؟ أم هي ابتسامة؟ هو يدري أنها ابتسامة، لكن أراد أن يبالغ في المدح فيأتي بهذا البيت، وكقوله:
ليلاي منكنّ أم ليلى من البشر
وما أدري ولست أُخال أدري أقوم آل حصن أم نساء.
وهم رجال، يدري.
(وَالتَّوْجِيهِ)، (وَالتَّوْجِيهِ) وهو إيراد الكلام محتمل لوجهين مختلفين كقول من قال لأعور: ليت عينيه سواء، ليت عينيه سواء هذا يحتمل، يحتمل أنه أراد أن تكون الصحيح ها كأختها فيصير دعاء عليه ليت عينيه سواء، ويحتمل أن تكون العوراء كأختها الصحيحة فحينئذٍ يكون دعاء له، يُسمى ماذا هذا؟ التوجيه: إيراد الكلام محتمل لوجهين مختلفين والسامع على حسب نيته.
(وَالتَّوْفِيقِ). التوفيق هذا يسمى الموافقة والتناسب والتواقيع أيضًا، ويسمى مراعاة النظير: وهو جمع أمر وما يناسبه لا بالتضاد، يعني يجتمع أو يعطف شيئًا على شيء بين متناسبين بينهما مناسبة، لكن لا يكون بينهما مضادة {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ * وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ} ... [الرحمن: 5 - 6] إذا بينهما .. النجم هنا النبات الذي لا ساق له، والشجر معلوم الذي له ساق، هنا متناسبان الشمس والقمر كل منهما كوكب الأول يكون مضيئًا في النهار، والثاني يكون مضيئًا في الليل ... {بِحُسْبَانٍ} جمع بينهما، والبحث وعَبَّرَ عنه القزويني بالمذهب الكلامي يسمى المذهب الكلامي البحث: وهو إيراد حجة للمطلوب على مذهب أهل البحث. يعني على طريقة أهل البحث، يسمونهم أهل الكلام بأن تكون بعد تسليم المقدمات مستلزمة للمطلوب، يعني تطبيقًا للقياس الذي مرَّ معنا:
إِنَّ القِياسَ مِنْ قَضايا صُوِّرا ... مُسْتَلْزِماً بِالذَّاتِ قَوْلاً آخَرا