طباق الإيجاب يعني الثبوت، والأمثلة التي سبقت كلها في طباق الإيجاب.
وطباق السلب: وهو الجمع بين فعلين من نوع واحد، أحدهما مثبت والآخر منفي، أو أحدهما أمر والآخر نهي. {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ * يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الروم: 6، 7]، {لَا يَعْلَمُونَ}، {يَعْلَمُونَ} جمع بين فعل واحدٍ، تارة نُفِي وتارة مُثْبَت، {فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ}، {فَلاَ تَخْشَوُاْ} هذا نهيّ {وَاخْشَوْنِ}. إذًا حصل هنا الجمع بين فعلين من نوع واحد أحدهما مثبت والآخر منفي، {لَا يَعْلَمُونَ}، {يَعْلَمُونَ} أو أحدهما أمرٌ والآخر نهيّ، هذا يُسمّى طباقًا.
والتأكيد، والتأكيد أي تأكيد المدح بما يُشبه الذّمّ، أو العكس تأكيد الذّمِّ بما يشبه المدح. الأول الذي هو تأكيد المدح بما يُشبه الذّم أفضله - هو نوعان - أفضله وأحسنه وأبلغه أن يُستثنى من صفة ذم منفية عن شيء صفة مدح بتقدير دخولها فيها، يعني يأتي لفظ عام: ولا عيب. العيب صفة مدح أو ذَمّ؟ صفة ذَمّ، هنا مثبتة أو منفية؟ منفية، ولا عيب، إذًا هذا أولاً، صفة ذَمٍّ منفية، غير أن سيوفهم استثناء أو لا؟ أراد أن يستثني مما هو عيب، أليس كذلك؟ غير أن سيوفهم بهن فلول من قراع الكتائب، يعني إن كان فلول السيوف الذي هو كسرها يعني انكسرت من شدة الحرب والعزو حينئذ إن كان هذا عيب فهو داخل في قوله: ولا عيب. وهل هو داخل؟ الجواب: لا. إذا نقول: هذا يعتبر تأكيدًا بما يشبه الذّمّ لماذا؟ لأنه لما قال: ولا عيب فيهم غير، الأُذُن تنتظر ماذا؟ استثناء عيب قد وصفوا به. فلما جاء ما ذكره، هل هو عيب أم لا؟ يعني لو كان فيهم عيب لكان هذا، ولكنه ليس بعيب. أي إن كان فلول السيف عيبًا فأثبت شيئًا منه على تقدير كونه منه وهو محال، يعني قَدَّرَ أن ما بعد غير داخل في العيب وهو محال، لأن فلول السيف بقراع الكتائب هذا مدح، بل هو غاية المدح، فحينئذٍ قَدَّرَ كونه عيبًا وهذا محال، فهو في المعنى تعليق بالمحال، والمعلق بالمحال محال. والتأكيد فيه من أين جاء التأكيد هنا؟ جاء من جهة أنه كدعوى الشيء ببينة، والأصل في مطلق الاستثناء الاتصال فذكر أداته قبل ذِكْر ما بعدها يُوهِمُ إِخْرَاجَ شيء مما قبلها، فإذا وليها صفة مدح جاء التأكيد، لأنه إذا قال: ولا عيب فيهم غير جاءت الأداة. فالأصل أن الأُذُن تنتظر صفة ذَمٍّ، فإذا به قد جاء بصفة مدح، حينئذٍ جاء التأكيد، إذا لا عيب فيهم ثم أَكَّدَهُ بصفة مدح لو كانت عيبًا لكان هو العيب فيه.